آيات من القرآن الكريم

وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ
ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ

والذي يقول أهل الأنساب أشبه بالصواب. وذلك أنّ الله تعالى ذكره نسب"إلياس" في هذه الآية إلى"نوح"، وجعله من ذريته، و"نوح" ابن إدريس عند أهل العلم، فمحال أن يكون جدّ أبيه منسوبًا إلى أنه من ذريته.
* * *
وقوله:"كل من الصالحين"، يقول: من ذكرناه من هؤلاء الذين سمينا (١) ="من الصالحين"، يعني: زكريا ويحيى وعيسى وإلياس صلى الله عليهم. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (٨٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وهدينا أيضًا من ذرية نوح"إسماعيل" وهو: إسماعيل بن إبراهيم ="واليسع"، هو اليسع بن أخْطُوب بن العجوز.
* * *
واختلفت القرأة في قراءة اسمه.
فقرأته عامة قرأة الحجاز والعراق: (وَالْيَسَعَ) بلام واحدة مخففة.
* * *
وقد زعم قوم أنه"يفعل"، من قول القائل:"وسِعَ يسع". ولا تكاد العرب تدخل"الألف واللام" على اسم يكون على هذه الصورة = أعني على"يفعل" = لا يقولون:"رأيت اليزيد" ولا"أتاني اليَحْيَى" (٣) ولا"مررت باليشكر"، إلا

(١) انظر تفسير"كل" فيما سلف ص: ٥٠٧، تعليق: ٢، والمرجع هناك.
(٢) انظر تفسير"الصالح" فيما سلف من فهارس اللغة (صلح).
(٣) في المطبوعة: "أتاني التجيب"، وهو خطأ محض، لم يحسن قراءة المخطوطة، وكان فيها"أتاني اليحيا" غير منقوط، وهذا صواب قراءتها.

صفحة رقم 510

في ضرورة شعر، وذلك أيضًا إذا تُحُرِّي به المدح، (١) كما قال بعضهم: (٢)

وَجَدْنَا الْوَليدَ بْنَ الْيَزِيدَ مُبَارَكًا شَدِيدًا بِأَحْنَاءِ الْخِلافَةِ كَاهِلُهْ (٣)
فأدخل في"اليزيد" الألف واللام، (٤) وذلك لإدخاله إياهما في"الوليد"، فأتبعه"اليزيد" بمثل لفظه. (٥)
* * *
وقرأ ذلك جماعة من قرأة الكوفيين: (وَاللَّيْسَعَ) بلامين، وبالتشديد، وقالوا: إذا قرئ كذلك، كان أشبه بأسماء العجم، وأنكروا التخفيف. وقالوا: لا نعرف في كلام العرب اسمًا على"يفعل" فيه ألف ولام.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندي، قراءةُ من قرأه بلام واحدة مخففة، لإجماع أهل الأخبار على أن ذلك هو المعروف من اسمه، دون التشديد، مع أنه اسم أعجمي، فينطق به على ما هو به. وإنما يُعْلَم دخول
(١) في المخطوطة: إذا تحر به المدح"، غير منقوطة، وما في المطبوعة شبيه بالصواب، والذي في معاني القرآن للفراء: "والعرب إذا فعلت ذلك، فقد أمست الحرف مدحًا".
(٢) هو ابن ميادة.
(٣) معاني القرآن للفراء ١: ٣٤٢، أمالي ابن الشجري ١: ١٥٤/٢: ٢٥٢، ٣٤٢، الخزانة ١: ٣٢٧، شرح شواهد المغني: ٦٠، وغيرها كثير. من شعر مدح فيه الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، وقبل البيت:وبعده:
هَمَمْتُ بِقَولٍ صَادِقٍ أنْ أقولَهُ وَإنِّي عَلَى رَغْمِ العَدُوِّ لقَائِلُهْ
أضَاء سِرَاجُ المُلْكِ فَوْقَ جَبِينِهِ غَدَاةَ تَنَاجَى بِالنَّجَاحِ قَوَابِلُهْ
وكان في المطبوعة: "بأعباء الخلافة"، وهي إحدى الروايتين، وأثبت ما في المخطوطة. و"أحناء الخلافة"، نواحيها وجوانبها جمع"حنو" (بكسر فسكون)، كنى بذلك عن حمل مشقات الخلافة، وتدبير الملك، وسياسة الرعية.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "فأدخل اليزيد" بإسقاط"في" والصواب إثباتها.
(٥) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٤٢.

صفحة رقم 511
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية