آيات من القرآن الكريم

قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ
ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﰿ

المؤمنين) (١)، وقال عطاء عنه: (يريد: من الطائعين) (٢)،
٦٤ - وقوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ (الكَرْبُ: الغم الذي يأخذ بالنفس (٣)، يقال: كرَبه الغم، وإنه لمكروب، والكربة: الاسم، والكريب: المكروب، وأمر كارب، ذكر ذلك الليث) (٤).
قال أبو إسحاق: (أعلمهم الله تعالى أن الله الذي دعوه وأقروا به هو ينجيهم ثم هم يشركون معه الأصنام التي قد علموا أنها من صنعتهم [و] (٥) أنها لا تضر ولا تنفع ولا تقدر أن تنجي من كربة ويله (٦). ثم أعلمهم أنه قادر على تعذيبهم فقال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ [الأنعام: ٦٥] (٧).
قال ابن عباس في رواية عطاء: (يريد: من السماء كما حُصب قوم لوط وكما رمي أصحاب الفيل، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ يريد: كما خُسف بقارون) (٨).

(١) "تنوير المقباس" ٢/ ٢٧ - ٢٨، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٥٨.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) في (ش): (يأخذ النفس).
(٤) ذكره عن الليث الأزهري في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣١١٩، وهو في "العين" للخليل ٥/ ٣٦٠، وانظر: "جمهرة اللغة" ١/ ٣٢٧، و"الصحاح" ١/ ٢١١، و"مجمل اللغة" ٣/ ٧٨٣، و"مقاييس اللغة" ٥/ ١٧٤، و"المفردات" ٧٠٦، و"اللسان" ٧/ ٣٨٤٥ (كرب).
(٥) لفظ: (الواو) ساقط من (ش).
(٦) (ويله) غير واضحة في النسخ ولم ترد عند الزجاج.
(٧) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٥٩ بتصرف.
(٨) "تنوير المقباس" ٢/ ٢٨، وذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٥٨، وابن الجوزي ٣/ ٥٩.

صفحة رقم 202

وهو قول السدي (١) وابن جريج (٢) ومجاهد (٣) ومقاتل (٤)، قالوا: ﴿عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ الصيحة والحجارة والريح والغرق بالطوفان وكل عذاب من السماء، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ الرجفة والخسف.
وقال في رواية عكرمة: ﴿عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ الأمراء ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ السفلة (٥)، وهو قول الضحاك: ﴿عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ (من قبل كباركم ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾: من أسفل منكم) (٦)، ونحو هذا روى عبد الوهاب بن مجاهد (٧) عن أبيه: (﴿عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾: السلاطين الظلمة، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾: العبيد السوء) (٨).

(١) أخرجه الطبري ٧/ ٢٢٠ بسند جيد.
(٢) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٥٨.
(٣) ذكره السيوطي في "الدر" ٣/ ٢٨٣، وأخرج الطبري ٧/ ٢٢٠ بسند جيد عنه قال: (﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾: الخسف).
(٤) "تفسير مقاتل" ١/ ٥٦٥.
(٥) ذكره الرازي ١٣/ ٢٢، عن عكرمة عن ابن عباس، وأخرج الطبري ٧/ ٢٢٠ بسند جيد عنه قال: ﴿مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ يعني: من أمرائكم ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ يعني: سفلتكم) اهـ، وأخرج الطبري وابن أبي حاتم ٤/ ١٣١٠ - ١٣١١ بسند جيد عنه قال: (﴿مِنْ فَوْقِكُمْ﴾: أئمة السوء، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾: خدم السوء) ا. هـ. وانظر: "الدر المنثور" ٣/ ٣١.
(٦) ذكره النحاس في "معانيه" ٢/ ٤٤٠، والثعلبي ١٧٩ أ، والبغوي ٣/ ١٥٣.
(٧) عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر المخزومي القرشي، روى عن أبيه وعطاء، وروى عنه عبد الرزاق وغيره، وهو متروك، وقيل: لم يسمع من أبيه، انظر: "الجرح والتعديل" ٦/ ٦٩، و"ميزان الاعتدال" ٢/ ٦٨٢، و"تهذيب التهذيب" ٦/ ٤٥٣، و"تقريب التهذيب" ص ٣٦٨ (٤٢٦٣).
(٨) ذكره الثعلبي ١٧٩ أ، والبغوي ٣/ ١٥٣، والقرطبي ٧/ ٩، والظاهر: أن المراد بالعذاب من فوق الرجم وما أشبهه، ومن تحت الخسف وما أشبهه؛ لأنه =

صفحة رقم 203

وقوله تعالى: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾ الشيع (١): جمع شيعة، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة، والجمع شِيع وأشياع، قال الله عز وجل: ﴿كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [سبأ: ٥٤]، وأصله من التشييع، وهو التتبع، ومعنى الشيعة: الذين يتتبع بعضهم بعضًا.
قال الربيع بن أنس: (يخلطكم (٢) فرقًا) (٣) وقالوا (٤) جميعًا: (يعني: يبث فيكم الأهواء المختلفة فتصيرون فرقًا يقاتل بعضكم بعضًا ويخالف بعضكم بعضًا)، وهو قول ابن عباس (٥) ومجاهد (٦)

= هو المعروف عند العرب من معنى فوق وتحت، فحمله على الأغلب والأشهر أولى، وإن كان غيره له وجه من الصحة، وهذا اختيار أكثرهم، وقال ابن عطية ٥/ ٢٣١: (الأقوال في الآية كلها أمثلة لا أنها هي المقصودة؛ إذ هي وغيرها داخلة في عموم اللفظ) ا. هـ. بتصرف. وانظر: "معاني الفراء" ١/ ٣٣٨، و"تفسير غريب القرآن" ص ١٦٤، والطبري ٧/ ٢٢٠، وابن كثير ٢/ ١٥٩، و"البحر" ٤/ ١٥١.
(١) انظر: "العين" ٢/ ١٩٠، و"معاني الزجاج" ٢/ ٣٠٨، و"تهذيب اللغة" ٢/ ١٨٠٨، و"الصحاح" ٣/ ١٢٤٠، و"مقاييس اللغة" ٣/ ٢٣٥، و"المفردات" ص ٤٧٠، و"اللسان" ٤/ ٢٣٧٧ (شيع).
(٢) في (أ): (يخلكم)، ثم كتب فوقها: يجعلكم.
(٣) لم أقف عليه
(٤) يعني المفسرين، قال ابن عطية ٥/ ٢٣١: (قال المفسرون: هو افتراق الأهواء والقتال بين الأمة) ا. هـ.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٧/ ٢٢١، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣١١ بسند جيد، قال: (يعني بالشيع: الأهواء المختلفة). وذكره السيوطي في "الدر" ٣/ ٣٢.
(٦) "تفسير مجاهد" ١/ ٢١٦ - ٢١٧، قال: (يعني: ما فيهم من الاختلاف والفتن)، وأخرجه الطبري في "تفسيره" ٧/ ٢٢١، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣١١ بسند جيد، وفي رواية عند الطبري قال: (الأهواء المفترقة).

صفحة رقم 204
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية