آيات من القرآن الكريم

وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ

التصديق والطاعة وفى الآيات ترغيب وترهيب: وفى الكلمات القدسية (يا ابن آدم لا تأمن مكرى حتى تجوز على الصراط) - روى- ان الله تعالى قال يا ابراهيم ما هذا الوجل الشديد الذي أراه منك فقال يا رب كيف لا اوجل وآدم ابى كان محله القرب منك خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك وأمرت الملائكة بالسجود له فبمعصية واحدة أخرجته من جوارك فاوحى الله تعالى اليه يا ابراهيم اما عرفت ان معصية الحبيب على الحبيب شديدة «وعن مالك ابن دينار قال دخلت جبانة البصرة فاذا انا بسعدون المجنون فقلت كيف حالك وكيف أنت قال يا مالك كيف يكون حال من امسى وأصبح يريد سفرا بعيدا بلا اهبة ولا زاد ويقدم على رب عدل حاكم بين العباد ثم بكى بكاء شديدا فقلت ما يبكيك فقال والله ما بكيت حرصا على الدنيا ولا جزعا من الموت والبلى لكن بكيت ليوم مضى من عمرى لم يحسن فيه عمل

كارى كنيم ور نه خجالت بر آورد روزى كه رخت جان بجهان دكر كشيم
أبكاني والله قلة الزاد وبعد المفازة والعقبة الكؤود ولا أدرى بعد ذلك أصير الى الجنة أم الى النار فسمعت منه كلام حكمة فقلت ان الناس يزعمون انك مجنون فقال ما بي حنة ولكن حب مولاى خالط قلبى واحشائى وجرى بين لحمى ودمى وعظامى
در ره منزل ليلى كه خطرهاست درو شرط أول قدم آنست كه مجنون باشى
كاروان رفت وتو در خواب وبيابان در پيش كى روى ره ز كه پرسى چهـ كنى چون باشى
وعلى تقدير الزلة فليبادر العاقل الى التوبة والاستغفار حتى يتخلص من عذاب الملك القهار كما قال تعالى فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا إلخ- روى- ان الملائكة تعرج الى السماء بسيئات العبد فاذا عرضوها على اللوح المحفوظ يجدون مكانها حسنات فيخرون على وجوههم ويقولون ربنا انك تعلم اننا ما كتبنا عليه الا ما عمل فيقول الله تعالى صدقتم ولكن عبدى ندم على خطيئته واستشفع الىّ بدمعته فغفرت ذنبه وجدت عليه بالكرم وانا أكرم الأكرمين فالايمان وإصلاح العمل والندم على الزلل سبب النجاة فى الدنيا والآخرة قال بعض الكبار ان الايمان والإسلام يمكن ان يكونا شيأ واحدا فى الحقيقة ولكن خص كل منهما بنوع مجازا عرفيا فكل ما كان فيه التصديق القلبي اطلق عليه الايمان لوجود اصل معناه فيه كمالا يخفى قُلْ يا محمد للكفرة الذين يقترحون عليك تارة تنزيل الآيات واخرى غير ذلك لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ اى لا ادعى ان خزائن مقدوراته تعالى مفوضة الىّ أتصرف فيها كيف أشاء استقلالا واستدعاء حتى تقترحوا علىّ تنزيل الآيات او إنزال العذاب او قلب الجبال ذهبا او غير ذلك مما لا يليق بشأنى فالخزانن جمع خزينة بمعنى مخزونة قال الحدادي وليس خزائن الله مثل خزائن العباد وانما خزائن الله تعالى خزائن مقدوراته التي لا توجد الا بتكوينه إياها ويجوز ان يكون جمع خزانة وهى اسم للمكان الذي يخزن فيه الشيء وخزن الشيء إحرازه بحيث لا تناله الأيدي وكانوا يقولون ان كنت رسولا من عند الله تعالى فوسع علينا منافع الدنيا وخيراتها فالمعنى لا ادعى ان مفاتح الرزق بيدي فاقبض وابسط وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ عطف على محل عندى خزائن الله ولا مزيده مذكرة للنفى اى ولا ادعى ايضا انى اعلم الغيب من أفعاله تعالى حتى تسألونى عن وقت

صفحة رقم 33

الساعة او وقت نزول العذاب او نحوهما وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ من الملائكة حتى تكلفونى من الأفاعيل الخارقة للعادات ما لا يطيق به البشر من الرقى الى السماء ونحوه او تعدوا عدم اتصافى بصفاتهم قادحا فى امرى كما ينبىء عنه قولهم مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ والمعنى انى لا ادعى شيأ من هذه الأشياء الثلاثة حتى تقترحوا علىّ ما هو من آثارها وأحكامها وتجعلوا عدم إجابتي الى ذلك دليلا على عدم صحة ما أدعية من الرسالة التي لا تعلق لها بشىء مما ذكر قطعا بل انما هى عبارة عن تلقى الوحى من جهته عز وجل والعمل بمقتضاه فحسب حسبما ينبىء عنه قوله تعالى إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ اى ما افعل الا اتباع ما يوحى الىّ من غير ان يكون لى مدخل ما فى الوحى او فى الموحى بطريق الاستدعاء او بوجه آخر من الوجوه أصلا والوحى ثلاثة. ما ثبت بلسان الملك والقرآن من هذا القبيل. وما تبت باشارة الملك من غير ان يبينه بالكلام واليه الاشارة بقوله عليه السلام (ان روح القدس نفث فى روعى ان نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها). والثالث ما تبدى لقلبه اى ظهر لقلبه بلا شبهة إلهاما من الله تعالى بان أراه الله بنور من عنده كما قال لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وابى الاشعرية واكثر المتكلمين ان يحكم عليه السلام بالاجتهاد كما تدل عليه الآية إذ ثبت بها انه لا يتبع الا الوحى والجواب انه جعل اجتهاده عليه السلام وحيا باعتبار المآل فان تقريره عليه السلام على اجتهاده يدل على انه هو الحق كما إذا ثبت بالوحى ابتداء قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ مثل للضال والمهتدى فانه عليه السلام لما وصف نفسه بكونه متبعا للوحى الإلهي لزم منه ان يصف نفسه بالاهتداء ويصف من عانده واستبعد دعواه بالضلال فالعمل بغير الوحى يجرى مجرى عمل الأعمى والعمل بمقتضى الوحى يجرى مجرى عمل البصير أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ اى ألا تسمعون هذا الكلام الحق فلا تتفكرون فيه فتهتدوا باتباع الوحى والعمل بمقتضاه فمناط التوبيخ عدم الامرين معا اى الاستماع والتفكر وَأَنْذِرْ بِهِ اى خوف من العذاب بما يوحى الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ اى يبعثوا ويجمعوا الى ربهم اى الى موضع لا يملك أحد فيه نفعهم ولا ضرهم الا الله تعالى. وقيل يخافون يعلمون لان خوفهم انما كان من علمهم لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ قريب ينفعهم وَلا شَفِيعٌ يشفع لهم وجملة النفي اى ليس فى موضع الحال من ضمير يحشرون فان المخوف هو الحشر على هذه الحال. وقوله من دونه حال من اسم ليس اى متجاوزا لله تعالى والمراد بالموصول المؤمنون العاصون كما فى اكثر التفاسير وانما نفى الشفاعة لغيره مع ان الأنبياء والأولياء يشفعون كما هو مذهب اهل السنة لانهم لا يشفعون الا باذنه فكانت الشفاعة فى الحقيقة من الله تعالى وقال المولى ابو السعود رحمه الله المراد بالموصول المجوزون من الكفار للحشر سواء كانوا جارمين بأصله كاهل الكتاب وبعض المشركين المعترفين بالبعث المترددين فى شفاعة آبائهم الأنبياء كالاولين او فى شفاعة الأصنام كالآخرين او مترددين فيهما معا كبعض الكفرة الذين يعلم من حالهم انهم إذا سمعوا بحديث البعث يخافون ان يكون حقا واما المنكرون للحشر رأسا والقائلون به القاطعون بشفاعة آبائهم او بشفاعة الأصنام فهم خارجون ممن امر بانذارهم انتهى فالكلام على هذا ظاهر لان الظالمين ليس لهم من حميم ولا شفيع يطاع لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ تعليل للامر اى

صفحة رقم 34
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية