آيات من القرآن الكريم

وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ۚ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ

قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه﴾ إِنَّمَا قيد الطيران بالجناح تَأْكِيدًا ﴿إِلَّا أُمَم أمثالكم﴾ أَي: أَصْنَاف أمثالكم، وَفِي الْخَبَر: " لَوْلَا أَن الْكلاب أمة؛ لأمرتكم بقتلها؛ فَاقْتُلُوا مِنْهَا كل أسود بهيم، فَإِنَّهُ شَيْطَان "، وَمعنى الْآيَة: أَنَّهَا أمثالكم فِي الْخلق، وَالْمَوْت، والبعث، يَعْنِي: يخلقها كَمَا يخلقكم، ويميتها كَمَا يميتكم ويبعثها كَمَا يبعثكم، وَقيل: معنى قَوْله: ﴿أُمَم أمثالكم﴾ يَعْنِي: فِي الْعلم بالضار والنافع، والتوقي عَن الْهَلَاك، وَمَعْرِفَة الْعَدو.
﴿مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: نرى كثيرا من الْأَحْكَام لَيست فِي الْكتاب، فَمَا معنى قَوْله: ﴿مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء﴾ ؟ قيل: مَا من شَيْء إِلَّا وَأَصله فِي الْكتاب، وَقيل: مَا قَالَه الرَّسُول، فَإِنَّمَا قَالَه من الْكتاب؛ لِأَنَّهُ قد قَالَ فِي خبر مَعْرُوف: " أُوتيت الْقُرْآن وَمثله " وَقد قَالَ الله - تَعَالَى - {وَمَا ينْطق عَن

صفحة رقم 101

﴿يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء ثمَّ إِلَى رَبهم يحشرون (٣٨) وَالَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا صم وبكم فِي الظُّلُمَات من يَشَأْ الله يضلله وَمن يَشَأْ يَجعله على صِرَاط مُسْتَقِيم (٣٩) قل أَرَأَيْتكُم إِن أَتَاكُم عَذَاب الله أَو أتتكم السَّاعَة أغير الله﴾ لهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى) فَكل مَا ثَبت بِالسنةِ؛ فَكَأَنَّهُ ثَابت فِي الْكتاب، وَقيل: [مَعْنَاهُ] : مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء تقع الْحَاجة إِلَيْهِ.
﴿ثمَّ إِلَى رَبهم يحشرون﴾ وَلَا شكّ فِي حشر الْبَهَائِم والحيوانات يَوْم الْقِيَامَة، حَتَّى روى: أَن الله - تَعَالَى - يحشرها ويقتص للجماء من القرناء، وروى أَبُو ذَر: " أَن النَّبِي رأى شَاتين تنتطحان؛ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر، أَتَدْرِي فِيمَا نتطحان؟ فَقلت: لَا. فَقَالَ لَكِن الله يدْرِي، وسيقضي بَينهمَا وأمثال هَذَا كثير "، وسبيل النَّاس أَن يُؤمنُوا بِهِ، ويكلوا علمه إِلَى الله - تَعَالَى - فَإِنَّهُ شَيْء لَا تهتدي إِلَيْهِ الْعُقُول، وعَلى هَذِه الْآيَة حِكَايَة: حُكيَ أَن بهْلُول الْمَجْنُون رأى أَبَا يُوسُف القَاضِي فِي الطَّرِيق؛ فَسَأَلَهُ وَقَالَ: إِن الله - تَعَالَى - يَقُول: ﴿وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم﴾ ثمَّ يَقُول: ﴿وَإِن من أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير﴾ فَمَا نَذِير الْكلاب؟ فتحير أَبُو يُوسُف عَن الْجَواب، فَأخذ بهْلُول حجرا من الأَرْض، وَقَالَ: هَذَا نَذِير الْكلاب.

صفحة رقم 102
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية