آيات من القرآن الكريم

قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُلْ لَا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ
ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٧ الى ٢١]

وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨) قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (١٩) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢١)
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا: أَنَّهُ مَالِكُ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ، وَأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ، لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَلَا رَادَّ لِقَضَائِهِ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كقوله تَعَالَى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ [فاطر: ٢] الآية، وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» «١» وَلِهَذَا قَالَ تعالى:
وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ أي وهو الَّذِي خَضَعَتْ لَهُ الرِّقَابُ، وَذَلَّتْ لَهُ الْجَبَابِرَةُ، وعنت له لوجوه، وَقَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ، وَدَانَتْ لَهُ الْخَلَائِقُ، وَتَوَاضَعَتْ لعظمة جلاله وكبريائه، وعظمته وعلوه، وقدرته على الأشياء، واستكانت وتضاءلت بين يديه، وتحت قهره وحكمه، وَهُوَ الْحَكِيمُ أي في جميع أفعاله الْخَبِيرُ بِمَوَاضِعِ الْأَشْيَاءِ وَمَحَالِّهَا، فَلَا يُعْطِي إِلَّا من يستحق، ولا يمنح إِلَّا مَنْ يَسْتَحِقُّ.
ثُمَّ قَالَ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً أَيْ مَنْ أَعْظَمُ الْأَشْيَاءِ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ أَيْ هُوَ الْعَالِمُ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ، وَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ لِي، وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَيْ وَهُوَ نَذِيرٌ لِكُلِّ من بلغه، كقوله تَعَالَى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ [هُودٍ: ١٧] قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو خَالِدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ بَلَغَ مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ، فَكَأَنَّمَا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، زَادَ أَبُو خَالِدٍ وَكَلَّمَهُ.
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْشَرٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ، فَقَدْ أَبْلَغَهُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ تعالى: لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «بَلِّغُوا عَنِ اللَّهِ فَمَنْ بَلَغَتْهُ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَقَدْ بَلَغَهُ أَمْرُ اللَّهِ» وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: حَقٌّ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَدْعُوَ كَالَّذِي دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن ينذر بالذي أنذر.
وقوله أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ كقوله فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ.
ثم قال تعالى مُخْبِرًا عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ: إِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ هَذَا الَّذِي جِئْتَهُمْ بِهِ، كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْأَخْبَارِ وَالْأَنْبَاءِ، عَنِ الْمُرْسَلِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ والأنبياء، فإن الرسل كلهم
(١) صحيح البخاري (أذان باب ١٥٥ واعتصام باب ٣ ودعوات باب ١٧) وصحيح مسلم (صلاة حديث ١٩٤ ومساجد حديث ١٣٧- ١٣٨).
(٢) تفسير الطبري ٥/ ١٦٢.

صفحة رقم 219
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية