آيات من القرآن الكريم

مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ
ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

الإفساد، وأصلهما واحد (١).
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ قال السدي: وهو يرزق ولا يُرْزَق. (٢)
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ أي: وقيل لي ذلك وصارت ﴿أُمِرْتُ﴾ (٣) بدلاً من ذلك؛ لأنه حين قال: ﴿أُمِرْتُ﴾ أخبر أنه قيل له ذلك، فقوله: ﴿وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ معطوف على ما قبله في المعنى؛ لأن معنى ﴿أُمِرْتُ﴾: قيل لي (٤). والآية حجة على المشركين من جهة أن من يُطْعَم هذا العالم الذي فطره، ولا يُطْعَم لغناه عن كل شيء، فواجب أن يستنصر منه ويؤمل النفع منه لا من غيره (٥).
١٦ - قوله تعالى: ﴿مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ﴾ وقرأ (٦) حمزة والكسائي ﴿يُصْرَفْ﴾ بفتح الياء وكسر الراء، وفاعل الصرف على هذه القراءة الضمير

(١) ذكر نحوه الزجاج في "معانيه" ٢/ ٢٣٣، والراغب في "المفردات" ص ٦٤٠، والرازي في "تفسيره" ١٢/ ١٦٩.
(٢) أخرجه الطبري ٧/ ١٥٩، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٤/ ١٢٧٠ بسند جيد.
(٣) (أمرت) ساقط من: (ش).
(٤) هذا قول الأخفش في "معانيه" ٢/ ٢٧٠، والطبري في "تفسيره" ٤/ ١٥٩، وذكره أكثر أهل التفسير. انظر: "غرائب التفسير" للكرماني ١/ ٣٥٤، والزمخشري في "تفسيره" ٢/ ٨، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ١٣٢، وابن عطية في "تفسيره" ٥/ ١٤٣، و"زاد المسير" ٣/ ١١، و"التبيان" للعكبري ١/ ٣٢٦، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ٣٩٧، و"البحر المحيط" ٤/ ٨٦، و"الدر المصون" ٤/ ٥٥٨.
(٥) هذا معنى قول الزجاج في "معانيه" ٢/ ٢٣٣.
(٦) قرأ حمزة والكسائي، وأبو بكر عن عاصم (يَصْرِفْ) بفتح الياء وكسر الراء، وقرأ الباقون بضم الياء وفتح الراء. انظر: "السبعة" ص ٢٥٤، و"المبسوط" ص ١٦٦، و"التذكرة" ٢/ ٣٧٥، و"التيسير" ص ١٠١، و"النشر" ٢/ ٢٥٧.

صفحة رقم 42

العائد إلى ﴿رَبِّي﴾ من قوله تعالى: ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾، على تقدير: من يصرف هو يومئذ عنه العذاب. وحجة هذه القراءة قوله فيما بعده: ﴿فَقَدْ رَحِمَهُ﴾، فلما كان ما بعده فعلًا مسندًا إلى ضمير اسم الله سبحانه، وجب أن يكون هذا أيضاً مسندًا إليه، ليتفق الفعلان في الإسناد إلى هذا الضمير، والضمير العائد إلى العذاب محذوف، والمعنى: من يصرف عنه كما هو في قراءة أُبيّ (من يصرفه) (١) بإثبات الهاء، وليس حذف هذا الضمير بالسهل؛ لأن ﴿مِنْ﴾ هاهنا جزاء وليس بموصول، فيحسن حذف العائد من الصلة، على أن الضمير إنما يحذف من الصلة إذا عاد إلى الموصول نحو: ﴿أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ [الفرقان: ٤١] ﴿وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل: ٥٩] أي: بعثه واصطفاهم، ولا يعود الضمير المحذوف هاهنا إلى موصول ولا إلى ﴿مِنْ﴾ التي للجزاء، إنما يرجع إلى العذاب من قوله: ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾، والذي يحمل عليه حذف هذا الضمير من يصرفه أنه لما كان في حيز الجزاء، وكان ما في حيزه في أنه لا يتسلط على ما تقدمه بمنزلة ما في الصلة في أنه لا يجوز تسلطه على الموصول، فحسن حذف الهاء منه، كما حسن حذفها من الصلة.
ومن قرأ ﴿يُصْرَفْ﴾ (٢) فالمسند إليه الفعل المبني للمفعول ضمير العذاب المتقدم ذكره. ويقوي هذه القراءة قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ

(١) ذكرها أكثرهم، ففي "الحجة" لأبي علي ٣/ ٢٨٦: (من يصرفه عنه)، وفي "مختصر الشواذ" ص ٤٢، و"الكشف" لمكي ١/ ٤٢٥، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ٣٩٧، (من يصرفه الله عنه)، وفي "الكشاف" ٢/ ٩، و"البحر" ٤/ ٨٦، و"الدر المصون" ٤/ ٥٥٩، (من يصرف الله عنه)، وذكر ابن عطية في "تفسيره" ٥/ ١٤٤، (من يصرفه الله عنه. وقيل: من يصرف الله عنه) ا. هـ.
(٢) أي بضم الياء وفتح الراء.

صفحة رقم 43
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية