
وقوله: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً (١٥١) إن شئت جعلت (لا تُشْرِكُوا) نهيًا أدخلت عَلَيْهِ (أَنْ). وإن شئت جعلته خبرًا و (تشركوا) فِي موضع نصب كقولك: أمرتك ألا تذهبَ (نَصْب) إلى زيد، وأن لا تذهب (جَزْم) وإن شئت جعلت ما نسقته عَلَى (أَلَّا تشركوا به) بعضه جزمًا ونصبًا بعضه كما قَالَ: قُلْ «١» إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ، فنصب أوله ونَهى عَن آخره كما قَالَ الشاعر:
حجَّ وأوصى بسليمى الاعبدا | ألا ترى ولا تكلم أحدا |
وَأَوْفُوا الْكَيْلَ
. فجعلت أوّله نهيا لقوله: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ.
وقوله: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً (١٥٣) تكسر «٢» إِنَّ إِذَا نويت الاستئناف، وتفتحها من وقوع (أتل) عليها. وإن شئت جعلتها خفضًا، تريد ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ وأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ.
وقوله: وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ يعني اليهودية والنصرانية. يقول: لا تتبعوها فتضلوا.
(٢) وهى قراءة حمزة والكسائي وخلف.

وقوله: ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ (١٥٤) تَمامًا عَلَى المحسن. ويكون المحسن فِي مذهب جَمع كما قَالَ: إِنَّ الْإِنْسانَ «١» لَفِي خُسْرٍ. وَفِي قراءة عبد الله تَمَامًا عَلَى الَّذِينَ أَحْسَنوا تصديقًا لذلك.
وإن شئت جعلت (الَّذِي) عَلَى معنى «٢» (ما) تريد: تَمامًا عَلَى ما أحسن موسى، فيكون المعنى: تَمامًا عَلَى إحسانه. ويكون (أحسن) مرفوعًا «٣» تريد عَلَى الَّذِي هُوَ أحسن، وتنصب (أحسن) هاهنا تنوي بِهَا «٤» الخفض لأن العرب تَقُولُ:
مررتُ بالذي هُوَ خيرٌ منك، وشرٌّ منك، ولا يقولون: مررتُ بالذي قائم لأن (خيرًا منك) كالمعرفة إذ لَمْ تدخل فِيهِ الألف واللام. وكذلك يقولون: مررتُ بالذي أخيك، وبالذي مثلك، إِذَا جعلوا صلة الَّذِي معرفة أو نكرة لا تدخلها الألف واللام جعلوها تابعة للذي أنشدني الْكِسَائي:
إن الزُّبَيْريَّ الَّذِي مِثْلَ الْحَلَمْ | مَشَّى بأسلابك فِي أَهْلِ الْعَلَم «٥» |
(٢) يريد أن تكون مصدرية.
(٣) وبه قرأ يحيى بن يعمر وابن أبى إسحق كما فى القرطبي.
(٤) سقط فى ش. والخفض على أنه نعت للذى.
(٥) الحلم واحده حلمة، وهى الصغيرة من القردان أو دودة تقع فى الجلد فتأكله. يريد أن هذا الرجل الضعيف ابترك ثيابك وسلبك.
(٦) يريد أن يكون حالا.