آيات من القرآن الكريم

وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ

وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ [وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ] ﴾ (١) [الْمَائِدَةِ: ٨]، وَكَذَا الَّتِي تُشْبِهُهَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [الْآيَةِ: ١٣٥]، يَأْمُرُ تَعَالَى بِالْعَدْلِ فِي الْفِعَالِ وَالْمَقَالِ، عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ لِكُلِّ أَحَدٍ، فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَفِي كُلِّ حَالٍ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا﴾ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: يَقُولُ وَبِوَصِيَّة اللَّهِ الَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا فَأَوْفُوا. وَإِيفَاءُ ذَلِكَ: أَنْ تُطِيعُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ، وَتَعْمَلُوا بِكِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَذَلِكَ هُوَ الْوَفَاءُ بِعَهْدِ اللَّهِ.
﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى: هَذَا وَصَّاكُمْ بِهِ، وَأَمَرَكُمْ بِهِ، وَأَكَّدَ عَلَيْكُمْ فِيهِ ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ أَيْ: تَتَّعِظُونَ وَتَنْتَهُونَ عَمَّا (٢) كُنْتُمْ فِيهِ قَبْلَ هَذَا، وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ بِتَشْدِيدِ "الذَّالِ"، وَآخَرُونَ بِتَخْفِيفِهَا.
﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣) ﴾
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ وَقَوْلُهُ ﴿أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشُّورَى: ١٣]، وَنَحْوُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ، قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْجَمَاعَةِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ الِاخْتِلَافِ وَالْفُرْقَةِ (٣)، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ إِنَّمَا (٤) هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ بِالْمِرَاءِ وَالْخُصُومَاتِ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَحْوِ هَذَا. قَالَهُ (٥) مُجَاهِدٌ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ: شَاذَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ -هُوَ ابْنُ عَيَّاشٍ -عَنْ عَاصِمٍ -هُوَ ابْنُ أَبِي النُّجُودِ -عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -قَالَ: خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: "هَذَا سَبِيل اللَّهِ مُسْتَقِيمًا". وَخَطَّ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: "هَذِهِ السُّبُل لَيْسَ مِنْهَا سَبِيلٌ إِلَّا عَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ". ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾
وَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ، عَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، بِهِ. وَقَالَ: صَحِيحُ [الْإِسْنَادِ] (٦) وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ (٧).
وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، وَوَرْقَاءُ وَعَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ شقيق ابن سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِهِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ.
وَكَذَا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ومُسدَّد وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ -وَابْنِ حِبَّان، من

(١) زيادة من م، أ.
(٢) في م: "وتنتبهون مما".
(٣) في أ: "والتفرقة".
(٤) في م: "لما".
(٥) في أ: "قال".
(٦) زيادة من م.
(٧) المسند (١/٤٦٥) والمستدرك (٢/٣١٨).

صفحة رقم 365

حَدِيثِ ابْنِ وَهْب -أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، بِهِ.
وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الْمُثَنَّى، عَنِ الحِمَّاني، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، بِهِ.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، بِهِ كَذَلِكَ. وَقَالَ: صَحِيحٌ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ (١).
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، عن أبي بكر ابن عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. بِهِ مَرْفُوعًا (٢).
وَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيه مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى الْحِمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، بِهِ.
فَقَدْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ كَمَا رَأَيْتَ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ، وَلَعَلَّ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرٍّ، وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْحَاكِمُ: وَشَاهِدُ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثُ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ، مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ مُعْتَمَدٍ (٣).
يُشِيرُ إِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ جَمِيعًا -وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن محمد -وهو أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ -أَنْبَأَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَطَّ خَطًّا هَكَذَا أَمَامَهُ، فَقَالَ: "هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ". وَخَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ، وَخَطَّيْنِ عَنْ شِمَالِهِ، وَقَالَ: "هَذِهِ سَبِيلُ (٤) الشَّيْطَانِ". ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الْأَوْسَطِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي كِتَابِ السُّنَةِ مِنْ سُنَنِهِ، وَالْبَزَّارُ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ، بِهِ (٥).
قُلْتُ: وَرَوَاهُ الْحَافِظُ ابْنُ مَرْدُوَيه مِنْ طَرِيقَيْنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْكِنْدِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا، وَخَطَّ عَنْ يَمِينِهِ خَطًّا، وَخَطَّ عَنْ يَسَارِهِ خَطًّا، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْخَطِّ الْأَوْسَطِ (٦) وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾ (٧).

(١) النسائي في السنن الكبرى برقم (١١١٧٤) وتفسير الطبري (١٢/٢٣٠) والمستدرك (٢/٣١٨).
(٢) النسائي في السنن الكبرى برقم (١١١٧٥) والمستدرك (٢/٢٣٩).
(٣) المستدرك (٢/٣١٨).
(٤) في م، أ: "سبل".
(٥) المسند (٣/٣٩٧) وسنن ابن ماجة برقم (١١) وقال البوصيري في الزوائد (١/٤٥) :"هذا إسناد فيه مقال من أجل مجالد بن سعيد".
(٦) في د، م: "الأسود".
(٧) وفي إسناده مجالد بن سعيد فيه كلام.

صفحة رقم 366

وَلَكِنَّ الْعُمْدَةَ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ إِنْ كَانَ مُؤَثِّرًا، وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ أبَان؛ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: مَا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ؟ قَالَ: تَرَكَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَدْنَاهُ، وَطَرَفُهُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَنْ يَمِينِهِ جَوَادّ، وَعَنْ يَسَارِهِ جَوَادّ، وَثَمَّ رِجَالٌ يَدْعُونَ مَنْ مَرَّ بِهِمْ. فَمَنْ أَخَذَ فِي تِلْكَ الْجَوَادِّ انْتَهَتْ بِهِ إِلَى النَّارِ، وَمِنْ أَخَذَ عَلَى الصِّرَاطِ انْتَهَى بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ. ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ الْآيَةَ (١).
وَقَالَ ابْنُ مَرْدُوَيه: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا آدم، حدثنا إسماعيل ابن عَيَّاش، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، فَقَالَ [لَهُ] (٢) ابْنُ مَسْعُودٍ: تَرَكَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَدْنَاهُ، وَطَرَفُهُ فِي الْجَنَّةِ، وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سمْعان نَحْوُهُ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَوَّار أَبُو الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا لَيْث -يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ -عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْر بْنِ نُفَيْرٍ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِراطًا مُسْتَقِيمًا، وَعَنْ جَنْبتَي الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ: أَيُّهَا (٣) النَّاسُ، ادْخُلُوا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ جَمِيعًا، وَلَا تَتَفَرَّجُوا (٤) وَدَاعٍ يَدْعُو مَنْ جَوْفِ (٥) الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَرَادَ الْإِنْسَانُ أَنْ يَفْتَحَ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ قَالَ: وَيْحَكَ. لَا تَفْتَحْهُ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، فَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ، وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ، وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ".
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ (٦) عَلِيِّ بْنِ حُجْر -زَادَ النَّسَائِيُّ -وَعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، كِلَاهُمَا عَنْ بَقِيَّة بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ بَحير بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدان، عَنْ جُبَير بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعان، بِهِ (٧). وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَقَوْلُهُ: ﴿فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ [فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ] ﴾ (٨) إِنَّمَا وَحَّدَ [سُبْحَانَهُ] (٩) سَبيله لِأَنَّ (١٠) الْحَقَّ وَاحِدٌ؛ وَلِهَذَا جَمَعَ لِتَفَرُّقِهَا وَتَشَعُّبِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٢٥٧].

(١) تفسير الطبري (١٢/٢٣٠).
(٢) زيادة من م.
(٣) في د، م: "يأيها".
(٤) في د: "ولا تفرقوا"، وفي م، أ: "ولا تفرجوا".
(٥) في أ: "من فوق".
(٦) في أ: "من حديث".
(٧) المسند (٢/١٨٢) وسنن الترمذي برقم (٢٨٥٩) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١١٢٣٣).
(٨) زيادة من أ.
(٩) زيادة من م.
(١٠) في أ: "لأنه".

صفحة رقم 367
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية