آيات من القرآن الكريم

وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا ۚ كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ
ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ

وقرأ أبو عبد الرحمن والحسن وأهل مكّة والشام: قتّلوا، مشددا على التكثير والباقون بالتخفيف بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ يعني البحيرة والسائبة والوصيلة والحام افْتِراءً عَلَى اللَّهِ حين قالوا: إنّ الله أمرهم بها وقَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ اخترع وابتدع جَنَّاتٍ بساتين.
مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ مسموكات مرفوعات وغير مرفوعات قال ابن عباس:
مَعْرُوشاتٍ ما انبسط على وجه الأرض وانتثر ممّا يعرش مثل الكرم والقرع والبطيخ وغيرها، وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ ما كان على ساق مثل النخيل وسائر الأشجار وما كان على نسق، ومثل [البروج]، وقال الضحاك: مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ الكرم خاصة منها ما عرش ومنها ما لم يعرش.
وروي عن ابن عباس أيضا أنّ المعروشات ما عرش الناس «١»، وغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ ما خرج في البراري والجبال من الثمار «٢».
يدلّ عليه قراءة علي (مغروسات وغير مغروسات) بالغين والسين. (وَالنَّخْلَ) يعني وأنشأ النخل وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ ثمره وطعمه الحامض والمرّ والحلو والجيّد والرديء وارتفع معنى الأكل [ومختلفا نعته] إلّا أنّه لمّا تقدّم النعت على الاسم وولي منصوبا نصب، كما تقول: عندي طبّاخا غلام وأنشد:

الشر منتشر لقاك [من مرض] والصالحات عليها مغلقا باب
وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً في المنظر وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ في الطعم مثل الرمانتين لونهما
(١) أي رفع أغصانه.
(٢) تفسير الطبري: ٨/ ٦٩.

صفحة رقم 197

واحد وطعمهما مختلف، إحداهما حلوة والأخرى حامضة وقد مرّ القول فيه كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ ولا تحرّموه كفعل أهل الجاهلية وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قرأ أهل مكّة والمدينة والكوفة حِصادِهِ بكسر الحاء والباقون بالفتح، وهما واحدة كالجداد. والجداد [والصرام والصرام] واختلف العلماء في حكم هذه الآية، فقال ابن عباس وطاوس والحسن وجابر بن زيد ومحمد ابن الحنفية وسعيد بن المسيب والضحاك وابن زيد: [هي الزكاة] المفروضة العشر ونصف العشر.
وقال عليّ بن الحسين وعطاء وحمّاد والحكم: هو حق في المال سوى الزكاة.
قال مجاهد: إذا حصدت فحضرك المساكين فاطرح لهم من السنبل، وإذا جذذت فألف لهم من الشماريخ، وإذا درسته ودسته وذرّيته فاطرح لهم منه، وإذا كدسته ونقيته فاطرح لهم منه، وإذا عرفت كيله فاعزل زكاته.
وقال إبراهيم: هو الضغث «١»، قال الربيع: لقاط السنبل. قال مجاهد: كانوا يعلّقون العذق عند الصرام فيأكل منه الضيف [ومن مرّ به] «٢».
قال زيد بن الأصم: كان أهل [الجاهليّة] إذا صرموا يجيئون بالعذق فيعلّقونه في جانب المسجد فيجيء المسكين فيضربه بعصاه فيسقط منه ويأخذه.
وقال سعيد بن جبير وعطيّة: كان هذا قبل الزكاة فلمّا فرض الزكاة نسخ هذا.
وقال سفيان والسدي: سألت عن هذه الآية فقال: نسخها العشر ونصف العشر، قلت:
ممّن؟ فقال: من العلماء مقسّم عن ابن عباس: نسخت الزكاة كلّ [صدقة] في القرآن.
وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ كان رجال [ينفقونها بالحرام] فيقول الرجل لا أمنع سائلا حتّى [أمسي] فعمد ثابت بن قيس بن شمّاس إلى خمس مائة نخلة فجذها ثمّ قسّمها في يوم واحد ولم يترك لأهله شيئا فنزلت (وَلا تُسْرِفُوا) أي لا تعطوا كلّه، وقال السدي: لا تُسْرِفُوا لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء، وقال سعيد بن المسيّب: لا تمنعوا الصدقة، وقال [يمان بن رئاب] : ولا تبذّروا تبذيرا، مجاهد وعطية العوفي: ولا تتركوا الأصنام في الحرث والأنعام.
وقال الزهري: [فوقعوا في] المعصية، وقال مجاهد: لو كان أبو قبيس ذهبا لرجل فأنفقه في طاعة الله لم يكن مسرفا ولو أنفق درهما أو مدّا في معصية الله [كان] مسرفا، وفي هذا المعنى قيل لحاتم الطائي: لا خير في السرف فقال: لا سرف في الخير.
وقال محمد بن كعب: السرف أن لا يعطي في حق، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:

(١) تفسير الطبري: ٨/ ٧٥.
(٢) تفسير القرآن لعبد الرزاق: ٢/ ٢١٩.

صفحة رقم 198

الإسراف ما لا يقدر على ردّه إلى الصلاح، والفساد ما يقدر على ردّه إلى الصلاح.
قال النضر بن شميل: الإسراف التبذير والإفراط، والسرف الغفلة والجهل. قال الشاعر:
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية... ما في عطائهم من ولا سرف «١»
قال إياس بن معاوية: ما تجاوز أمر الله فهو سرف، وروى ابن وهب عن ابن زيد قال:
الخطاب [للمساكين] يقول: لا تأخذوا فوق حقّكم.
وَمِنَ الْأَنْعامِ يعني أنشأ من الأنعام حَمُولَةً بمعنى كلّ ما محمّل عليها ويركب مثل كبار الإبل والبقر والخيل والبغال والحمير، سمّيت بذلك لأنّها تحمل أثقالهم، قال عنترة:
ما دعاني إلا حمولة أهلها... وسط الديار [تسف] حب الخمخم «٢»
والحمولة الأحمال.
وقال أهل اللغة: الفعولة بفتح الفاء إذا كانت [يعني] الفاعل استوى فيه المذكّر والمؤنّث نحو قولك: رجل فروقة وامرأة فروقة للجبان والخائف، ورجل صرورة وامرأة صرورة إذا لم يحجا، وإذا كانت بمعنى المفعول فرّق بين الذكر والأنثى بالهاء كالخلويّة والزكويّة وَفَرْشاً والفرش ما يؤكل ويجلب ولا يحمل عليه مثل الغنم والفصلان والعجاجيل، سمّيت فرشا للطافة أجسامها وقربها من الفرش. هي الأرض المستوية، وأصل الفرش الخفة واللطافة ومنه فراشة العقل وفراش العظام، والفرش أيضا نبت ملتصق بالأرض [تأكله] الإبل قال الراجز:
كمفشر الناب تلوك الفرشا «٣»
والفرش: صغار الأولاد من الأنعام وقال الراجز:
أورثني حمولة وفرشا... أمشها في كلّ يوم مشا «٤»
كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ ما حرم الحرث الأنعام إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ثمّ بيّن الحمولة والفرش فقال: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ نصبها على البدل من الحمولة [بالفرض] يعني [واحد من] الأنعام ثمانية أزواج أي أصناف مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ فالذكر زوج والأنثى زوج والضأن والنعاج جمعه، واحده: ضائن، والأنثى: ضائنة، والجمع: ضوائن.
قرأ الحسن وطلحة بن مصرف: الضَأَن مفتوحة الهمزة، والباقون ساكنة الهمزة، تميم بهمزة وسائر لا بهمزة وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ والمعز المعزى لا واحد له من لفظه، وأمّا الماعز

(١) البيت لجرير كما في الكنز اللغوي لابن السكيت الأهوازي ص ١١٦.
(٢) لسان العرب: ١٢/ ١٩١.
(٣) لسان العرب: ٦/ ٣١٧.
(٤) تفسير القرطبي: ٧/ ١١٢، ومش الناقة: حلبها.

صفحة رقم 199
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية