آيات من القرآن الكريم

وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا ۚ كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ
ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ

شيئا ثم تبادروا فيه وأسرفوا، فنزلت وَلا تُسْرِفُوا. وقال ابن جريج: نزلت في ثابت ابن قيس بن شماس. جدّ نخلا له فقال: لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته، فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة، فنزلت. ولذا قال السدّي: أي: لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء. وإما في الأكل قبل الحصاد، وهذا عن أبي مسلم قال: ولا تسرفوا في الأكل قبل الحصاد كيلا يؤدي إلى بخس حق الفقراء. وإما في كل شيء، قال عطاء: نهوا عن السرف في كل شيء. وقال إياس بن معاوية: ما جاوزت به أمر الله، فهو سرف.
اختار ابن جرير قول عطاء. قال ابن كثير: ولا شك أنه صحيح، لكن الظاهر- والله أعلم- من سياق الآية، حيث قال تعالى كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ أن يكون عائدا على الأكل. أي: لا تسرفوا في الأكل، لما فيه من مضرة العقل والبدن، كقوله تعالى كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا... [الأعراف: ٣١] الآية.
وفي صحيح البخاري «١» تعليقا: كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير إسراف ولا مخيلة. وهذا من هذا- والله أعلم- انتهى.
وقد جنح إلى هذا المهايمي في تفسيره حيث قال: ولا تسرفوا في أكلها لئلا يبطل، باستيفاء الشهوات، معنى المزرعة.
ثم بيّن تعالى حال الأنعام، وأبطل ما تقوّلوا عليه في شأنها بالتحريم والتحليل، بقوله:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٤٢]
وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٤٢)
وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً أي: وأنشأ لكم من الأنعام ما يحمل الأثقال، وما يفرش للذبح (أي: يضجع) أو ينسج من وبره وصوفه وشعره الفرش.
وعن ابن عباس: الحمولة الكبار التي تصلح للحمل، والفرش الصغير كالفصلان والعجاجيل والغنم لأنها دانية من الأرض، للطافة أجرامها، مثل الفرش المفروش عليها. فعلى الوجهين الأولين: الفرش بمعنى المفروش، وعلى الثالث:
الكلام على التشبيه.
كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ أي: من الثمار والزروع والأنعام، لحفظ الروح، واستزادة القوة.
وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ أي: أوامره في التحليل والتحريم، كما اتبعها

(١) أخرجه البخاري في: اللباس، ١- باب قوله تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ.

صفحة رقم 508
محاسن التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي
تحقيق
محمد باسل عيون السود
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية