
قَوْله ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مَا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: الْآيَة فِي الميتات، وَمَا فِي مَعْنَاهَا من المنخنقة وَغَيرهَا، وَقَالَ عَطاء: الْآيَة فِي الذَّبَائِح الَّتِي كَانُوا يذبحونها على اسْم الْأَصْنَام لَا على اسْم الله - تَعَالَى -.
وَفِيه قَول ثَالِث: أَن الْآيَة: فِي مَتْرُوك التَّسْمِيَة كَمَا يَقْتَضِيهِ الظَّاهِر، ثمَّ اخْتلف الْعلمَاء فِي مَتْرُوك التَّسْمِيَة، قَالَ الشّعبِيّ، وَابْن سِيرِين: لَا تحل، سَوَاء ترك التَّسْمِيَة عَامِدًا أَو نَاسِيا، وَقَالَ عَطاء، وَسَعِيد بن جُبَير: إِن ترك التَّسْمِيَة عَامِدًا لَا تحل، وَإِن تَركهَا نَاسِيا تحل، وَالْأول قَول مَالك، وَالصَّحِيح أَن الْآيَة فِي الميتات؛ لِأَنَّهُ قَالَ: ﴿وَإنَّهُ لفسق﴾ وَإِنَّمَا يفسق أكل الْميتَة.
وَقَالَ: ﴿وَإِن الشَّيَاطِين ليوحون إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ ليجادلوكم﴾ ومجادلتهم كَانَت فِي أكل الْميتَة؛ فَإِنَّهُم كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّكُم تَأْكُلُونَ مِمَّا قَتَلْتُمُوهُ، وَلَا تَأْكُلُونَ مِمَّا قَتله الله - تَعَالَى فَنزلت الْآيَة.
﴿وَإِن أطعتموهم إِنَّكُم لمشركون﴾ يَعْنِي: باستحلال الْميتَة، قَالَ الزّجاج: فِي هَذَا دَلِيل على أَن استحلال الْحَرَام، وَتَحْرِيم الْحَلَال يُوجب الْكفْر، وَفِي الْآثَار: " أَن ابْن عَبَّاس سُئِلَ، فَقيل لَهُ: إِن الْمُخْتَار بن أبي عبيد يزْعم أَنه يُوحى إِلَيْهِ، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: صدق؛ فَإِن الله - تَعَالَى - يَقُول: ﴿وَإِن الشَّيَاطِين ليوحون إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ﴾.
وَفِي الْخَبَر أَن النَّبِي قَالَ: " يخرج من ثَقِيف رجلَانِ: كَذَّاب، ومبير مهلك "

﴿وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس كمن مثله فِي الظُّلُمَات لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا كَذَلِك زين للْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يعْملُونَ (١٢٢) كَذَلِك جعلنَا فِي كل قَرْيَة أكَابِر مجرميها ليمكروا﴾ فالكذاب: هُوَ الْمُخْتَار، والمبير: هُوَ الْحجَّاج.
صفحة رقم 141