آيات من القرآن الكريم

وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ
ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ

لما بين أنَّه فَصَّل المُحَرَّمات، أتْبَعه بما يَجِبُ تَرْكُه بالكُلِّية، والمُرَادُ به: ما يُوجِبُ الإثْمَ، وهي الذُنُونب كُلُّها.
قال قتادة: المُراد «بِبَاطِنه وظَاهره» عَلانيته وسِرَّه.
وقال مُجَاهِد: ظاهرة مِمَّا يَعْمَلُه الإنْسَان بالجوارح من الذُّنُوب، وباطنه: ما يَنْويه ويَقْصده بقلبه؛ كالمُصِرِّ على الذَّنْب.
وقال الكَلْبِيُّ: ظاهِره: الزِّنَا، وبَاطنه المُخَالة، وأكثر المُفَسِّرين على أنَّ ظَاهِره: الإعلان بالزِّنَا، وهم أصْحاب الرَّايَات، وباطنه: الاسْتِسْرَاء، وكانت العرب يُحِبُّون الزِّنَا، وكان الشَّرِيف يَسْتَسِرُّ به، وغير الشَّريف لا يُبِالي به، فَيُظْهره.
وقال سعيد بن جُبَيْر: ظاهر الإثْم: نكاح المحارم، وباطنه الزِّنا.
وقال ابن زَيْد: ظاهره: التَّعرِّي من الثياب في الطَّواف والباطِن: الزِّنَا، وروى حيَّان عن الكَلْبِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - ظَاهِر الإثْم: طَواف الرِّجَال بالبّيْت نَهَاراً عُرَاةً، وباطنه، طَوَاف النِّسَاء باللَّيْل عُرَاة.
وقيل هذا النَّهي عامٌ في جميع المُحَرَّمات، وهو الأصحُّ؛ لأن تَخْصِيص اللَّفظ العام بصُورة مُعَيَّنة من غَيْر دليل، غير جائز، ثم قال: «إنَّ الذين يَكْسِبُون الإثْم سَيُجُزون بِمَا كَانُوا يَقْتِرفُون» والاقْتِرَاف: الاكِتسَاب كما تقدَّم، وظاهر النَّصِّ يدلُّ على أنَّه لا بُدَّ وأنْ

صفحة رقم 403

يُعَاقب المُذنب على الذَّنب، إلا أنَّ المُسْلِمين أجْمَعُوا على أنَّه إذا تاب، ولم يُعاقب، وأهْل السُّنَّة زادُوا شَرْطاً، وهو أنَّه - تبارك وتعالى - قد يَعْفُو عن المُذْنِب؛ لقوله - تبارك وتعالى -: ﴿إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ﴾ [النساء: ٤٨] الآية.

صفحة رقم 404
اللباب في علوم الكتاب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل الحنبلي الدمشقي النعماني
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان
سنة النشر
1419 - 1998
الطبعة
الأولى، 1419 ه -1998م
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية