آيات من القرآن الكريم

لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ

(الْمُطَفِّفِينَ، ١٥)، قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ لَمْ يَرَ الْمُؤْمِنُونَ رَبَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ يُعَيِّرِ اللَّهُ الْكُفَّارَ بِالْحِجَابِ، وَقَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ" (يُونُسَ، ٢٦)، وَفَسَّرَهُ بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (١).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُلَيْحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ الْيَرْبُوعِيُّ أَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا" (٢).
﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣) قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (١٠٤) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١٠٥) ﴾
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ عُلِمَ أَنَّ الْإِدْرَاكَ غَيْرُ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ الْإِدْرَاكَ هُوَ: الْوُقُوفُ عَلَى كُنْهِ الشَّيْءِ وَالْإِحَاطَةُ بِهِ، وَالرُّؤْيَةُ: الْمُعَايَنَةُ، وَقَدْ تَكُونُ الرُّؤْيَةُ بِلَا إِدْرَاكٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ مُوسَى "فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ: كَلَّا" (سُورَةُ الشُّعَرَاءِ، ٦١)، وَقَالَ "لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى" (سُورَةُ طه، ٧٧)، فَنَفَى الْإِدْرَاكَ مَعَ إِثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ، فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَجُوزُ أَنْ يُرَى مِنْ غَيْرِ إِدْرَاكٍ وَإِحَاطَةٍ كَمَا يُعْرَفُ فِي الدُّنْيَا وَلَا يُحَاطُ بِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا)، (سُورَةُ طه، ١١٠)، فَنَفَى الْإِحَاطَةَ مَعَ ثُبُوتِ الْعِلْمِ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: لَا تُحِيطُ بِهِ الْأَبْصَارُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: كلت أبصار المخلوقبن عَنِ الْإِحَاطَةِ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ يُرَى فِي الْآخِرَةِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا يَفُوتُهُ، ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: اللَّطِيفُ بِأَوْلِيَائِهِ [الْخَبِيرُ بِهِمْ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: مَعْنَى ﴿اللَّطِيفِ﴾ ] (٣) الرَّفِيقُ بِعِبَادِهِ، وَقِيلَ: اللَّطِيفُ الْمُوصِلُ الشَّيْءَ بِاللِّينِ وَالرِّفْقِ، وَقِيلَ: اللَّطِيفُ الَّذِي يُنْسِي الْعِبَادَ ذُنُوبَهُمْ لِئَلَّا يَخْجَلُوا، وَأَصْلُ اللُّطْفِ دِقَّةُ النَّظَرِ فِي الْأَشْيَاءِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ يَعْنِي الْحُجَجَ الْبَيِّنَةَ الَّتِي تُبْصِرُونَ بِهَا الْهُدَى

(١) انظر الروايات في الدر المنثور: ٤ / ٣٥٦-٣٥٨.
(٢) قطعة من حديث، أخرجه البخاري في تفسير سورة (ق) : ٨ / ٥٩٧، وفي التوحيد، وفي مواقيت الصلاة. ومسلم في المساجد، باب فضل صلاة الصبح والعصر، برقم (٦٣٣) : ١ / ٤٣٩. والمصنف في شرح السنة: ٢ / ٢٢٤.
(٣) ما بين القوسين ساقط من "ب".

صفحة رقم 174
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية