آيات من القرآن الكريم

وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ
ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ ٱلْجِنَّ ﴾؛ قال ابنُ عبَّاس: (نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الزَّنَادِقَةِ؛ قَالُواْ: إنَّ اللهَ تَعَالَى وَإبْلِِيْسَ أخَوانِ؛ فاللهُ تَعَالَى خَالِقُ النَّاسِ وَالدَّوَاب وَالأَنْعَامِ وَكُلِّ خَيْرٍ، وَإبْلِيْسُ خَالِقُ السِّبَاعِ وَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارب وَكُلِّ شَرٍّ، فذلكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ ٱلْجِنَّ ﴾.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً ﴾[الصافات: ١٥٨]). وقال مقاتلُ: (نَزَلَتِ الآيَةُ فِي جُهَيْنَةَ وَخُزَاعَةَ، قَالُواْ: إنَّ صِنْفاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ يُقَالَ لَهُمْ الْجِنُّ: بَنَاتُ اللهِ) تَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبيْراً. وانتصبَ (الْجِنَّ) لكونهِ بدلاً من (شُرَكَاءَ) أو لأنهُ مفعولٌ ثانٍ على تقدير: وجعلُوا الجنَّ شركاءَ للهِ؛ كقولهِ:﴿ وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً ﴾[الزخرف: ١٩].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَخَلَقَهُمْ ﴾؛ يجوزُ أن يكون الهاءُ والميم عائدةً إلى أهلِ الشِّركِ، ويجوز أن تكونَ عائدةً على الجنِّ، على أن المعنى: أنَّ الله خالِقُ الجنِّ؛ فكيفَ يكونوا شركاءَ لهُ؟!وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَٰتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾؛ أي وكذبُوا بنسبةِ البنين والبنات إلى اللهِ تعالى، فإنَّ مشركي العرب قالوا: الملائكةُ بناتُ الله، والنصارى قالوا: المسيحُ بنُ اللهِ، واليهود قالوا: عزيرٌ بنُ الله. وكَذبُوا كلُّهم لَعْنَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ، يقالُ: خَرَقَ؛ وَاخْتَرَقَ؛ وَاخْتَلَقَ؛ وَافْتَرَى: إذا كَذبَ. وقرأ أهلُ المدينة: (وَخَرَّقُواْ) بالتشديد على التكثير. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ أي بجهلهم بلا حُجَّة؛ ﴿ سُبْحَٰنَهُ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾؛ كلمة تَنْزِيْهٍ وتبعيدٍ لله تعالى عن كلِّ سوءٍ؛ أي سَبحُوهُ أيُّها المؤمنونَ عمَّا يقولُ عليه الجاهلون. وقَوْلُهُ تَعَالَى: (تَعَالَى) عُلُوَّاً من العُلُوِّ؛ أي اسْتَعْلَى عمَّا وصفوهُ به. ويجوزُ في صفاتِ الله تعالى: (عَلاَ) ولا يجوز: ارْتَفَعَ؛ لأن العُلُوَّ قد يكون بالاقتدار؛ والارتفاعُ يقتضي الجهةَ والمكانَ.

صفحة رقم 804
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحداد اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية