
على قلوبهم فنسوا ذكر الله.
﴿أولئك حِزْبُ الشَّيْطَانِ﴾ أي: جنده وأتباعه.
﴿أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ﴾ [أي: جنده وأتباعه هم] الهالكون المغبونون في الآخرة.
ثم قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ الله وَرَسُولَهُ﴾ أي: يخالفونه في حدوده، فيصيرون في حد آخر غير الذي حد لهم. وقال المفسرون يحادون: يعادون. وقيل يشاقون، والمعنى واحد.
ثم قال: ﴿أولئك فِي الأذلين﴾ أي: في أهل الذلة، لأن الغلبة لله ورسوله.
قال تعالى: ﴿كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ ورسلي﴾ أي: قضى ذلك في أم الكتاب.
قال قتادة: كتب كتاباً فأمضاه. وقال غيره: كتبه في اللوح المحفوظ.
وقال الفراء " كتب " هنا بمعنى: " قال ".
ثم قال: ﴿إِنَّ الله قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ أي: ذو قوة على كل من حاده ورسوله أن يهلكه، عزيز في انتقامه من أعدائه.
ثم قال: ﴿لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ الله وَرَسُولَهُ﴾ أي: ليس

من والى من عادى الله ورسوله مؤمنين بالله واليوم الآخر.
ولو (كان الذي) عادى الله ورسوله أباً أو ابناً له أو أخاً أو زوجاً أو عشيرة له، لا عذر في موالاته بهذه القرابة إذا كان ممن عادى الله ورسوله.
وروي أن هذه الآية / " نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى أهل مكة يخبرهم بخروج النبي ﷺ ويأمرهم بالتحرز ثم أعتذر لما اطلع عليه بأهله بمكة، وأنه أحب أن يقدم عندهم يداً يحفظون أهله من أجلها. وفي دعاء النبي ﷺ " اللهم لا تجعل لأحد أشرك بك في عنقي منه فيكون ذلك سببا للمودة لأنك لا تجد قوما يؤمنون بالله [وباليوم] إلى أو عشيرتهم ".

ثم قال: ﴿أولئك كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمان﴾ أي: أولئك الذين لا يوادون من حاد الله ورسول ولو كانوا ذوي قربى منهم ونسب، كتب الله تعالى في قلوبهم الإيمان، (أي: غطى قلوبهم بالإيمان).
و" في " بمعنى " اللام " والإخبار عن القلب كالأخبار عن صاحبه.. وقيل معناه: كتب في قلوبهم سمة الإيمان ليعلم أنهم مؤمنون. وقد روي أن أبا عبيدة بن الجراح قتل أباه يوم أحد. وأن عمر بم الخطاب رضي الله عنهـ قتل خاله العاصي بن هشام يوم بدر، ودعا أبو بكر ابنه للبراز يوم بدر فأمره النبي ﷺ أن يقعد، وأن مصعب بن عمير قتل أخاه يوم أحد. وكان علي وعمه حمزة وعبيدة بن الحارث قتلوا يوم بدر عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وهم أقرباؤهم، (فلم يتوقف) أحد عن قتل أهله وقرابته، فمدحهم الله تعالى في هذه الآية.
ثم قال ﴿وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ﴾ أي: وقواهم ببرهان منه. وذلك النور والهدى الذين

يجعلها الله تعالى في قلب من يشاء. وقيل بروح منه: بجبريل ينصرهم ويؤيدهم ويوفقهم. ثم وعدهم بالجنة.
فقال: ﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أي: ماكثين فيها رضي الله عنهـ بطاعتهم إياه ورضوا عنه بوفائه إياهم ما وعدهم من الجنة.
ثم قال: ﴿أولئك حِزْبُ الله﴾ أي: جنده وأولياؤه.
﴿أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ المفلحون﴾ أي: الباقون في النعيم المقيم والفلاح والبقاء.