آيات من القرآن الكريم

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۚ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎ

الأولياء المشتاقين إذا تصاعدت حسراتهم وعلت زفراتهم وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ فى الأرض وهو تمثيل لاحاطة علمه تعالى بهم وتصوير لعدم خروجهم عنه أينما داروا وفي الحديث أفضل ايمان المرء أن يعلم ان الله معه حيث كان

يار با تست هر كجا هستى جاى ديكر چهـ خواهى اى او باش
با تو در زيرك كليم چواوست پس برو اى حريف خود را باش
قال موسى عليه السلام اين أجدك يا رب قال يا موسى إذا قصدت الى فقد وصلت الى في التأويلات النجمية وهو معكم لا بالمعية المفهومة للعوام والخواص ايضا
اين معيت مى نكنجد در بيان نى زمان دارد خبر زونى مكان
بل بالمعية المذوقة بالذوق الكشفى الشهودى اى انا معكم بحسب مراتب شهوداتكم ان كنتم فى مشهد الفعلى فانا معكم بالتجلى الذاتي ما أتقدم ولا أتأخر عنكم وقال بعض الكبار تلك المعية ليست هى مثل ما يتصور بالعقل حسا او ذهنا او خيالا او وهما تعالى شأنه عن ذلك علوا كبيرا وانما هى معية تفرد الحق سبحانه بعينها وتحققها وعلمها لا يعلم سرها الا الله ومن اطلعه عليه من الكمل ويحرم كشفها ترحما على العقول القاصرة عن درك الاسرار الخفية كما قال ابن عباس رضى الله عنهما أبهموا ما أبهم الله وبينوا ما بين الله يعنى إذا اقتضى المقام الإبهام كما إذا طلب بيان المبهم على ما هو عليه في نفسه وعقل الطالب قاصر عن دركه فلا جرم انه حرام لما فيه من هلاكه واما إذا طلب بيان المبهم لا على ما هو عليه في نفسه بل على وجه يدركه عقله يضرب تأويل يستحسنه الشرع ففيه رخصة شرعية اعتبرها المتأخرون دفعا لانقلاب قلب الطالب وترسيخا على عقيدته حتى تندفع عن صدره الوساوس والهواجس والمراد على هذا إما معية حفظه أو معية امره او غير ذلك مما لا اضطراب فيه لا شرعا ولا عقلا ولا خارجا والأين المذكور في الآية متناول لجميع الأينات الازلية والابدية من المعنوية والروحانية والمثالية والحسية والدنيوية والبرزخية والنشرية والحشرية والنيرانية والجنانية والغيبية والشادية مطلقا كلية كانت او جزئية وهذه الاينية كالمعية من المبهمات والمتشابهات وما يعلم تأويلها الا الله وما يتذكر سرها إلا أولوا الألباب قال بعضهم في هذه الآية بشارة للعاشقين حيث هو معهم أينما كانوا وتوفيق للمتوكلين وسكينة للعارفين وبهجة للمحبين ويقين للمراقبين ورعاية للمقبلين واشارة الى سر الوحدة للموحدين قال الحسين رحمه الله ما قارب الحق الأكوان ولا فارقها كيف يفارقها وهو موجدها وحافظها وكيف يقارب القدم الحدوث به قوام الكل وهو بائن عن الكل انتهى وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم عليه ثوابا وعقابا وهو عبارة عن عن احاطته بأعمالهم فتأخيره عن الخلق لما ان المراد ما يدور عليه الجزاء من العلم التابع للمعلوم لا لما قيل من أن الخلق دليل على العلم فبالخلق يستدل على العلم والدليل يتقدم على المدلول وفي الآية إيقاظ للغافلين وتنشيط للمتيقظين ودلالة لهم على الخشية والحياء من رب العالمين واشارة لهم الى ان أعمالهم محفوظة وانهم مجزيون بها ان خيرا فخيروان شرا فشر قال بعض الكبار والله بما تعملون بصير لانه العامل بكم وفيكم ولا بد لكل عامل أن يبصر عمله وما يتعلق به لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ

صفحة رقم 352

تكرير للتأكيد وتمهيد لقوله تعالى وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ على البناء للمفعول من رجع رجعا اى رد ردا وقرئ على البناء للفاعل من رجع رجوعا والمعنى اليه تعالى وحده لا الى غيره استقلالا واشتراكا ترد جميع الأمور فاستعدوا للقائه باختيار أرشد الأمور وأحسنها عند الله پس تكرير كلام جهت آنست كه أول تعلق بإبداء دارد وثانى بإعادة ولذا قرن بالأول يحيى ويميت وبالثاني ما يكون في الآخرة من رد الخلق اليه وجزائه إياهم بالثواب والعقاب وفيه اشارة الى انه له ملك علوم السموات الروحانية وهى العلوم الكشفية اللدنية الموهوبة بالاسم الوهاب من غير تحصيلى الأسباب لعباده المخلصين بإفاضته عليهم وله ايضا ملك العلوم الرسمية الكسبية الارضية بالسعي والاجتهاد للعلماء بافاضة توفيق الكسب والاجتهاد فامور العلوم الكشفية والكسبية ترجع الى عناية الله الازلية والابدية يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ الإيلاج الإدخال يعنى أز زمان شب در روز افزايد حتى يصير النهار أطول ما يكون خمس عشرة ساعة والليل اقصر ما يكون تسع ساعات وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ يعنى از زمان روز بشب زياده كند باختلاف الفصول وبحسب مطالع الشمس ومغاربها حتى يصير الليل أطول ما يكون خمس عشرة ساعة والنهار اقصر ما يكون تسع ساعات والليل والنهار ابدا اربع وعشرون ساعة قال في فتح الرحمن فيه تنبيه على العبرة فيما يجاذبه الليل والنهار من الطول والقصر وذلك متشعب مختلف حسب اختلاف الأقطار والأزمان الاربعة وذلك بحر من بخار الكفرة لمن تأمله وَهُوَ عَلِيمٌ اى مبالغ في العلم بِذاتِ الصُّدُورِ اى بمكنوناتها اللازمة لها من الاسرار والمعتقدات وذلك اغمض ما يكون وهو بيان لاحاطة علمه تعالى بما يضمرونه في نياتهم بعد بيان احاطته بأعمالهم التي يظهرونها وفي الآية اشارة الى انه يستهلك ظلمة ليل البشرية والطبيعة في نور نهار الروح بطريق تغليب نور نهار الروح وهو تعالى عالم بكل ما يصدر من أصحاب ليل النفوس من السيئات ومن ارباب نهار الأرواح من الحسنات لا يفوته منهما شيء قال ابن عباس رضى الله عنهما اسم الله الأعظم في أول سورة الحديد في ست آيات من أولها فاذا علقت على المقاتل في الصف لم ينفذ اليه حديد كما في فتح الرحمن آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ روى ان الآية نزلت فى غزوة ذى العشيرة وهى غزوة تبوك وفي عين المعاني يحتمل الزكاة والنفقة في سبيل الله والمعنى جعلكم الله خلفاء في التصرف فيه من غير أن تملكوه حقيقة عبر عما بأيديهم من الأموال والأرزاق بذلك تحقيقا للحق وترغيبا لهم في الانفاق فان من علم انها لله وانه بمنزلة الوكيل والنائب بحيث يصرفها الى ما عينه الله من المصارف هان عليه الانفاق او جعلكم خلفاء من قبلكم فيما كان بايديهم بتوريثه إياكم فاعتبروا بحالهم حيث انتقل منهم إليكم وسينتقل منكم الى من بعدكم فلا تبخلوا به قال الشاعر

ويكفيك قول الناس فيما ملكته لقد كان هذا مرة لفلان
فلا بد من انفاق الأموال التي هى للغير وستعود الى الغير فكما ان الانفاق من مال الغير يهون على النفس إذا اذن فيه صاحبه فكذا من المال الذي على شرف الزوال

صفحة رقم 353
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية