آيات من القرآن الكريم

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ
ﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛ

وله مواقف رفيعة فى الإسلام كثباته على كمال تصديقه ليلة الاسراء وجوابه للكفار فى ذلك وهجرته مع رسول الله - ﷺ - وترك عياله وأطفاله وملازمته له فى الغار وساير الطريق وكلامه يوم بدر ويوم الحديبية حين اشتبه على غيره الأمر فى تأخير دخول مكة وثباته مع كمال حزنه فى وفات رسول الله - ﷺ - وخطبه الناس وتسكينهم ثم قيامه فى قصة البيعة لمصالح المسلمين واهتمامه فى بعث جيش اسامة وقيامه فى قتال اهل الردة وتجهيزه الجيوش الى العراق والشام واخر مناقبه انه فوض الخلافة الى عمر رض وَكُلًّا قرأ ابن عامر بالرفع والباقون بالنصب اى كل واحد من الفريقين من الصحابة الذين أنفقوا قبل الفتح والذين أنفقوا بعده وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى ط لا يحل الطعن فى أحد منهم ولا بد حمل مشاجراتهم على محامل حسنة واغراض صحيحه او خطأ فى الاجتهاد وايضا يدل صدر الاية على افضلية الصحابة على من بعدهم بسبقهم فى الإسلام والانفاق والجهاد وروى الشيخان فى الصحيحين عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول الله ﷺ لا تسبوا أصحابي فلو ان أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ع عالم بالبواطن كعلمه بالظواهر فيجازى كلا على حسبه.
مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ اى يقرض عباد الله بحذف المضاف او المعنى ينفق ماله فى سبيل الله رجاء ان يعوضه فصار كمن يقرضه فاستعير لفظ القرض لبدل على التزام الجزاء قَرْضاً حَسَناً بالإخلاص وتحرى أكرم المال وأفضل الجهات له فَيُضاعِفَهُ لَهُ اى يعطى اجره ضعافا قرأ عاصم فيضاعفه من المفاعلة منصوبا على جواب الاستفهام باعتبار المعنى فكانه قال يقرض الله أحد فيضاعفه له وقرأ ابن عامر ويعقوب فيضعفه من التفعيل منصوبا وقرأ ابن كثير فيضعفه من التفعيل مرفوعا عطفا على يقرض والباقون فيضاعفه من المفاعلة مرفوعا وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ حال من الضمير المنصوب فى فيضاعفه يعنى والحال ان ذلك الاجر المضموم اليه الأضعاف كريم فى نفسه ينبغى ان يطلب وان لم يضاعف فكيف وقد يضاعف أضعافا.
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ظرف لقوله او فيضاعفه او متعلق بمقدر يعنى اذكر يَسْعى نُورُهُمْ اى يضىء نور التوحيد والطاعات معهم على الصراط وأينما كانوا ويكون ذلك دليلهم الى الجنة وجملة يسعى حال من المؤمنين والمؤمنات بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ قال بعض المفسرين أراد جميع جوانبهم فعبر بالبعض عن الكل ويؤيد هذا التأويل الدعاء المأثورة عن النبي - ﷺ -

صفحة رقم 192

فانه كان يقول إذا خرج للصلوة اللهم اجعل فى قلبى نورا وفى بصرى نورا وفى سمعى نورا وعن يمينى نورا وعن شمالى نورا وخلفى نورا واجعلنى نورا رواه الشيخان وابو داود والنسائي وروى ابن ماجة عن ابن عباس وفى رواية عند مسلم وابى داود والنسائي وزاد فى لسانى نورا واجعل من خلفى نورا ومن امامى نورا واجعل من فوقى نورا ومن تحتى نورا اللهم أعطني نورا فان هذا الدعاء يقتضى احاطة النور من جميع جوانبه ولعل وجه تخصيص الجهتين بالذكران السعداء يوتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين وقال الضحاك ومقاتل يسعى نورهم بين أيديهم وبايمانهم كتبهم وقيل يجعل الله لهم نورا فى الجهتين اشعارا بانهم بحسناتهم سعدوا بصحايفهم البيض أفلحوا اخرج ابن جرير وابن ابى حاتم عن ابن مسعود قال يوتون نورهم على قدر أعمالهم يمرون على الصراط منهم من نوره مثل الجبل ومنهم من نوره مثل النخلة وأدناهم نورا من كان فى إبهامه يتقدمرة ويطفى اخرى وقال قتادة ذكر لنا ان النبي - ﷺ - قال من المؤمنين من يضىء نوره من المدينة الى عدن والى الصنعاء فدون ذلك حتى ان من المؤمنين من لا يضىء نوره الا بين القدمين- (فصل) فى موجبات النور والظلمة اخرج ابو داود والترمذي عن بريدة وابن ماجة عن انس كليهما عن النبي - ﷺ - قال بشر المشائين فى الظلم الى المساجد بالنور التام يوم القيامة وورد مثله فى حديث سهل بن سعد وزيد بن الحارثة وابن عباس وابن عمر وحارثة بن وهب وابى امامة وابى الدرداء وابى سعيد وابى موسى وابى هريرة وعائشة رض وروى احمد والطبراني عن ابن عمر عن النبي - ﷺ - من حافظ على الصلوات كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وروى الطبراني عن ابى سعيد مرفوعا من قرأ سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة من مقامه الى مكة وروى ابن مردوية عن ابن عمر من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدميه الى عنان السماء يضىء له يوم القيامة وروى احمد عن ابى هريرة مرفوعا من تلا اية كانت له نورا يوم القيامة وروى الديلمي عن ابى هريرة مرفوعا الصلاة علىّ نور على الصراط واخرج الطبراني فى الأوسط من ذهب بصره فى الدنيا جعل الله له نورا يوم القيامة ان كان صالحا- وروى الطبراني عن عبادة بن صامت مرفوغا فى الحج اما حلق راسك فانه ليس من شعره يقع فى الأرض الا كانت له نورا يوم القيامة

صفحة رقم 193

وروى البزاز عن ابن مسعود مرفوعا إذا رميت الجمار كانت به نورا يوم القيامة وروى الطبراني بسند جيد عن ابى امامة مرفوعا من شاب شيبة فى الإسلام كانت له نورا يوم القيامة روى البزاز بسند جيد عن ابى هريرة مرفوعا من رمى بسهم فى سبيل الله كان له نورا يوم القيامة وروى البيهقي فى شعب الايمان بسند منقطع عن ابن عمر مرفوعا ذاكر لله فى السوق له بكل شعرة نور يوم القيمة وروى الطبراني عن ابى هريرة مرفوعا من فرج عن مسلم كربه جعل الله له يوم القيمة شعبتين من نور على الصراط يستضىء بهما عالم لا يحصيهم الا رب العزة واخرج الشيخان عن ابن عمر ومسلم عن جابر والحاكم عن ابى هريرة وابن عمرو الطبراني عن ابن زياد قالوا قال رسول الله - ﷺ - إياكم والظلم فانه هو الظلمات يوم القيامة والله تعالى اعلم بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ يعنى يقول لهم ذلك من يلقيهم من الملائكة كانت الجملة فى الأصل فعلية تقديره يبشركم اليوم بجنات فعدلت الى الاسمية للدلالة على الاستمرار بشرى مبتدا وجنات خبره واليوم ظرف البشرى اى المبشر به جنات او بشركم دخول جنت تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ صفة
لجنات خالِدِينَ فِيها ط حال من الجملة التي يفهم من الكلام السابق يعنى يدخلونها خالدين فيها ولا يجوز ان يكون حالا من جنات وإلا لزم جريانه على غير من هو له ذلِكَ النور والبشرى بالجنات المخلدة هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا بدل من يوم ترى انْظُرُونا قرأ حمزة بهمزة القطع وفتحها فى الحالين وكسر الظاء من الافعال من النظرة بمعنى المهلة كما فى قوله تعالى حكاية عن إبليس رب أنظرني الى يوم يبعثون يعنى مهلونا جعل ثانيهم فى المشي حتى يلحقوا بهم امهالا لهم مجازا والباقون بحذف الالف فى الوصل وضمها فى الابتداء بمعنى الانتظار فى القاموس نظره وانتظره وتنظره تأنى عليه ونظرة كفرجة التأخير قال الله تعالى فنظرة الى ميسرة والله تعالى اعلم نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ومجزوم فى جواب الأمر اى تستضىء بكم ونمشى فى نوركم ولا يكون للمنافقين والكافرين نور يوم القيامة حيث لم يكن لهم نور الايمان فى الدنيا وهو المستفاد من القران ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور وبه قال الكلبي واخرج ابن ابى حاتم عن ابى امامة الباهلي قال يبعث الله ظلمة يوم القيامة فما من مؤمن ولا كافر يرى كفه حتى يبعث الله بالنور اى المؤمن بقدر أعمالهم فيتبعه المنافقون ويقولون انظرونا نقتبس من نوركم

صفحة رقم 194

واخرج عنه من وجه اخر فى حديث طويل فيه فيغشى الناس ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا او يترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئا وهو مثل ضرب الله فى كتابه او كظلمات فى بحر لّجّىّ يغشاه من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا اخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور فلا يستضىء الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضىء الأعمى ببصر البصير ويقول المنافقون للذين أمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا وهى خدعة الله التي خدع بها المنافقين قال يخدعون الله وهو خادعهم فيرجعون الى المكان الذي قسم الله فيه النور فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم وقد ضرب بينهم بسور له باب الاية اخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن عباس قال بينهما الناس فى ظلمة إذ بعث الله نورا فلما راى المؤمنون النور توجهوا نحوه وكان دليلا لهم من الله الى الجنة فلما راى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا الى النور تبعوهم فاظلم على المنافقين فقالوا حينئذ للمؤمنين انظرونا نقتبس من نوركم فانا كنا معكم فى الدنيا قالوا ارجعوا وراءكم من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا نورا هناك واخرج ابن المبارك من طريق مجاهد عن يزيد بن شجرة قال انكم تكتبون عند الله باسمائكم وسيماكم وو نجواكم ومجالسكم فاذا كان يوم القيامة نودى يا فلان بن فلان لا نور لك وقال البغوي ان الله يعطى المؤمنين نورا على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط ويعطى المنافقين ايضا نورا خديعة لهم وهو قوله عز وجل وهو خادعهم فبينماهم يمشون إذا بعث الله ريحا وظلمة فاطفأ نور المنافقين فذلك قوله تعالى يوم لا يخزى الله النبي والذين أمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبايمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا مخافة ان يسلبوا نورهم كما سلب نور المنافقين كذا اخرج الحاكم والبيهقي عن ابن عباس بلفظ ليس أحد من الموحدين الا يعطى نورا يوم القيامة فاما المنافق فيطفىء نوره واما المؤمن فيشقق مما راى من اطفأ نور المنافق فهو يقول ربنا أتمم لنا نورنا والطبراني عنه نحوه واخرج مسلم واحمد والدارقطني فى الرواية من طريق ابن الزبير انه سمع جابر بن عبد الله فذكر حديثا طويلا وفيه ويعطى كل انسان منهم منافق او مؤمن نورا ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كلاليب وخسك تأخذ ما شاء الله ثم يطفىء نور المنافقين- والمختار عندى ان المنافقين لا يكون لهم نورا أصلا كما يدل عليه القران وما تقدم من الأحاديث ولعل المراد بالمنافقين الذين يعطى لهم نورا فيطفى

صفحة رقم 195
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية