آيات من القرآن الكريم

فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ
ﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪ ﮬﮭ ﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙ

الله صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أصبح من الناس شاكر، ومنهم كافر». قالوا: هذه رحمة آتية وضعها الله حيث شاء. وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا، وكذا، فنزلت هذه الآية «فلا أقسم بمواقع النجوم» حتى بلغ «أنكم تكذبون».
(١٣٩٣) وروى البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث زيد بن خالد الجهني، قال: صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم صلاة الصّبح بالحديبية على إثْرِ سماءٍ كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: «هل تدرون ماذا قال ربكم» ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فأما المؤمن فقال: مطرنا بفضل الله وبرحمته فذاك مؤمن بي، كافر بالكوكب. وأما من قال:
مطرنا بنوء كذا وكذا، فذاك كافر بي مؤمن بالكوكب»
.
وللمفسرين في معنى هذه الآية ثلاثة أقوال: أحدها: أن الرزق هاهنا بمعنى الشكر.
(١٣٩٤) روت عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ قال:
«شكركم»، وهذا قول علي بن أبي طالب وابن عباس. وكان علي يقرأ «وتجعلون شكركم».
والثاني: أن المعنى: وتجعلون شكر رزقكم تكذيبكم، قاله الأكثرون. وذلك أنهم كانوا يمطرون، فيقولون: مطرنا بنوء كذا. والثالث: أن الرزق بمعنى الحظ. فالمعنى: وتجعلون حظكم ونصيبكم من القرآن أنكم تكذبون، ذكره الثعلبي. وقرأ أبي بن كعب، والمفضل عن عاصم «وتكذبون» بفتح التاء، وإسكان الكاف، مخفّفة الذال.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٨٣ الى ٩٦]
فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٨٧)
فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢)
فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦)

صحيح. أخرجه البخاري ٨٤٦ ومسلم ٧١ ومالك ١/ ١٩٢ وأحمد ٤/ ١١٧ من حديث زيد بن خالد.
لم أره بهذا اللفظ عن عائشة. وقال السيوطي في «الدر» ٦/ ٢٣٤: أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» عن عائشة رضي الله عنها قالت: مطر الناس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم... » فذكره بنحو حديث ابن عباس المتقدم، ولم يذكر فيه تفسير الآية وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ. وورد من حديث علي، أخرجه الترمذي ٣٢٩٥ والطبري ٣٣٥٥٥ و ٣٣٥٥٦ وأحمد ١/ ١٣١ وإسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى بن عامر الثعلبي ومع ذلك رواه عنه الثوري موقوفا على علي، والثوري أحفظ من إسرائيل، والمرفوع ضعفه أحمد شاكر في «المسند» ١٠٨٧. وانظر «تفسير الشوكاني» ٢٤٣٨.

صفحة رقم 229

قوله عزّ وجلّ: فَلَوْلا أي: فهلاَّ إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ يعني: النَّفْس، فترك ذِكرها لدلالة الكلام، وأنشدوا من ذلك:
إِذا حَشْرَجَتْ يَوْمَاً وضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ «١» قوله عزّ وجلّ: وَأَنْتُمْ يعني أهل الميت تَنْظُرُونَ إلى سلطان الله وأمره والثاني تنظرون للإنسان في تلك الحالة، ولا تملكون له شيئاً وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ فيه قولان: أحدهما: ملك الموت أدنى إليه من أهله وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ الملائكة، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: ونحن أقرب إليه منكم بالعلم والقدرة والرؤية وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ أي: لا تعلمون، والخطاب للكفار، ذكره الواحدي.
قوله عزّ وجلّ: فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ فيه خمسة أقوال: أحدها: محاسبين، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء، وعكرمة. والثاني: موقنين، قاله مجاهد.
والثالث: مبعوثين، قاله قتادة. والرابع: مجزيين. ومنه يقال: دنِته، وكما تدين تدان، قاله أبو عبيدة.
والخامس: مملوكين أذَّلاء، من قولك: دِنت له بالطاعة، قاله ابن قتيبة. قوله عزّ وجلّ: تَرْجِعُونَها أي: تردُّون النَّفْس. والمعنى: إن جحدتم الإله الذي يحاسبكم ويجازيكم، فهلاَّ تردُّون هذه النَّفْس؟! فإذا لم يمكنكم ذلك، فاعلموا أن الأمر لغيركم. قال الفرّاء: وقوله عزّ وجلّ: تَرْجِعُونَها هو جواب لقوله عزّ وجلّ: فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ولقوله عزّ وجلّ: فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ فإنهما أجيبتا بجواب واحد. ومثله قوله عزّ وجلّ: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ «٢».
ثم ذكر طبقات الخلق عند الموت فقال عزّ وجلّ: فَأَمَّا إِنْ كانَ يعني: الذي بلغت نَفْسه الحلقوم مِنَ الْمُقَرَّبِينَ عند الله. قال أبو العالية: هم السابقون فَرَوْحٌ أي: فَلَهُ رَوْحٌ. والجمهور يفتحون الراء. وفي معناها ستة أقوال «٣» : أحدها: الفرح، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني:
الراحة، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث: المغفرة والرحمة، رواه العوفي عن ابن عباس.
والرابع: الجنة، قاله مجاهد. والخامس: رَوْحٌ من الغَمّ الذي كانوا فيه، قاله محمد بن كعب.
والسادس: رَوْح في القبر، أي: طيب نسيم، قاله ابن قتيبة. وقرأ أبو بكر الصديق، وأبو رزين، والحسن، وعكرمة وابن يعمر، وقتادة، ورويس عن يعقوب، وابن أبي سُريج عن الكسائي: «فَرُوْحٌ» برفع الراء. وفي معنى هذه القراءة قولان: أحدهما: أن معناها: فرحمة، قاله قتادة. والثاني: فحياة وبقاءٌ، قاله ابن قتيبة. وقال الزجاج: معناه: فحياة دائمة لا موت معها. وفي «الريحان» أربعة أقوال:
أحدها: أنه الرزق، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني: أنه المستراح، رواه ابن أبي طلحة عن

(١) هو عجز بيت لحاتم الطائي كما في ديوانه ٥٠، وصدره: أماويّ ما يغني الثراء عن الفتى.
(٢) البقرة: ٣٨.
(٣) قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» ١١/ ٦٦٦: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال: عني بالرّوح: الفرح والرحمة والمغفرة، وأصله في قولهم: وجدت روحا: إذا وجد نسيما يستروح إليه من كرب الحرّ. وأما الريحان، فإنه عندي الريحان الذي يتلقى به عند الموت، كما قال أبو العالية والحسن لأن ذلك الأغلب والأظهر من معانيه.

صفحة رقم 230

ابن عباس. والثالث: أنه الجنة، قاله مجاهد، وقتادة. والرابع: أنه الريحان المشموم. وقال أبو العالية:
لا تخرج روح أحد من المقربين من الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة، فيشمه، ثم تقبض فيه روحه، وإلى نحو هذا ذهب الحسن. وقال أبو عمران الجوني: بلغنا أن المؤمن إذا قبض روحه تلقى بضبائر الريحان من الجنّة، فتجعل روحه فيه.
قوله عزّ وجلّ: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: فسلامة لك من العذاب، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: تسلِّم عليه الملائكة، وتخبره أنه من أصحاب اليمين، قاله عطاء. والثالث: أن المعنى: أنك ترى فيهنّ ما تحب من السلامة، وقد علمت ما أُعدَّ لهم من الجزاء، قاله الزجاج. قوله عزّ وجلّ: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ أي: بالبعث الضَّالِّينَ عن الهدى فَنُزُلٌ وقد بيَّناه في هذه السّورة «١».
قوله عزّ وجلّ: إِنَّ هذا يعني ما ذكر في هذه السورة لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ أي هو اليقين حقاً، فأضافه إلى نفسه، كقولك: صلاة الأولى، وصلاة العصر، ومثله: وَلَدارُ الْآخِرَةِ «٢»، وقد سبق هذا المعنى، وقال قوم: معناه: وإنه للمتقين حقاً. وقيل للحق: اليقين.
قوله عزّ وجلّ: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قد ذكرناه في هذه السّورة «٣».

(١) الواقعة: ٥٦.
(٢) يوسف: ١٠٩. [.....]
(٣) الواقعة: ٧٤.

صفحة رقم 231
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية