سُورَةُ الْوَاقِعَةِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢)).
الْعَامِلُ فِي «إِذَا» عَلَى أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا: هُوَ مَفْعُولُ اذْكُرْ.
وَالثَّانِي: هُوَ ظَرْفٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ: «لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ» أَيْ إِذَا وَقَعَتْ لَمْ تُكَذَّبْ.
وَالثَّالِثُ: هُوَ ظَرْفٌ لِخَافِضَةٍ أَوْ رَافِعَةٍ؛ أَيْ إِذَا وَقَعَتْ خَفَضَتْ وَرَفَعَتْ.
وَالرَّابِعُ: هُوَ ظَرْفٌ لِرُجَّتْ؛ وَإِذَا الثَّانِيَةُ عَلَى هَذَا تَكْرِيرٌ لِلْأُولَى، أَوْ بَدَلٌ مِنْهَا.
وَالْخَامِسُ: هُوَ ظَرْفٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ: فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ؛ أَيْ إِذَا وَقَعَتْ بَانَتْ أَحْوَالُ النَّاسِ فِيهَا. وَكَاذِبَةٌ [بِمَعْنَى الْكَذِبِ، كَالْعَاقِبَةِ وَالْعَافِيَةِ. وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: لَيْسَ لَهَا حَالَةٌ كَاذِبَةٌ] أَيْ مَكْذُوبٌ فِيهَا. وَ (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ) : خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ هِيَ خَافِضَةٌ قَوْمًا، وَرَافِعَةٌ آخَرِينَ. وَقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «كَاذِبَةٌ» أَوْ فِي «وَقَعَتْ».
قَالَ تَعَالَى: (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذَا رُجَّتِ) :«إِذَا» بَدَلٌ مِنْ إِذَا الْأُولَى.
وَقِيلَ: هُوَ ظَرْفٌ لِرَافِعَةٌ. وَقِيلَ: لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ «فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ». وَقِيلَ: هُوَ مَفْعُولُ اذْكُرْ.
قَالَ تَعَالَى: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) : هُوَ مُبْتَدَأٌ. وَ (مَا أَصْحَابُ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، خَبَرُ الْأَوَّلِ.
فَإِنْ قِيلَ: أَيْنَ الْعَائِدُ مِنَ الْجُمْلَةِ إِلَى الْمُبْتَدَأِ؟.
قِيلَ: لَمَّا كَانَ «أَصْحَابُ» الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى ضَمِيرٍ.
وَقِيلَ: «مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ» لَا مَوْضِعَ لَهُ، وَكَذَلِكَ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ. وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ؛ وَخَبَرُ الْأَوَّلِ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، وَهَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْمَشْأَمَةِ لَيْسُوا مِنَ الْمُقَرَّبِينَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (١٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالسَّابِقُونَ) : الْأَوَّلُ مُبْتَدَأٌ وَالثَّانِي خَبَرُهُ؛ أَيِ السَّابِقُونَ بِالْخَيْرِ السَّابِقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ.
وَقِيلَ: الثَّانِي نَعْتٌ لِلْأَوَّلِ، أَوْ تَكْرِيرٌ تَوْكِيدًا، وَالْخَبَرُ «أُولَئِكَ».
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي جَنَّاتِ) : أَيْ هُمْ فِي جَنَّاتٍ، أَوْ يَكُونُ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي «الْمُقَرَّبُونَ». أَوْ ظَرْفًا.
وَقِيلَ: هُوَ خَبَرُ «ثُلَّةٌ» وَعَلَى الْأَقْوَالِ الْأُوَلِ يَكُونُ الْكَلَامُ تَامًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: «النَّعِيمِ» وَيَكُونُ فِي «ثُلَّةٌ» وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ «عَلَى سُرُرٍ». وَالثَّانِي: هُوَ خَبَرٌ؛ أَيْ هُمْ ثُلَّةٌ.
وَ (مُتَّكِئِينَ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «عَلَى» وَ «مُتَقَابِلِينَ» : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «مُتَّكِئِينَ».
قَالَ تَعَالَى: (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨)).