آيات من القرآن الكريم

وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ
ﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁ ﰃﰄﰅﰆ ﰈﰉﰊﰋﰌ ﭑﭒﭓﭔﭕ ﭗﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭ

هنّ اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطاء رمصاء «١»، جعلهنّ الله بعد الكبر» أَتْراباً على ميلاد واحد في الاستواء «٢»، كلما أتاهنّ أزواجهنّ وجدوهنّ أبكارا، فلما سمعت عائشة رضى الله عنها ذلك من رسول الله ﷺ قالت: وأوجعاه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس هناك وجع. وقالت عجوز لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادع الله أن يدخلني الجنة، لقال: إنّ الجنة لا تدخلها العجائز، فولت وهي تبكى، فقال عليه الصلاة السلام: «أخبروها أنها ليست يومئذ بعجوز» «٣» وقرأ الآية عُرُباً وقرئ: عربا، بالتخفيف جمع عروب وهي المتحببة إلى زوجها الحسنة التبعل أَتْراباً مستويات في السن بنات ثلاث وثلاثين، وأزواجهنّ أيضا كذلك. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين» «٤» واللام في لِأَصْحابِ الْيَمِينِ من صلة أنشأنا وجعلنا.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٤١ الى ٥٦]
وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥)
وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠)
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥)
هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦)

(١). قوله «عجائز شمطاء رمصا» في الصحاح «الشمط» : بياض شعر الرأس يخالط سواده، والرجل أشمط، والمرأة شمطاء. وفيه: الرمص: وسخ يجتمع في الموق، وقد رمصت عينه، والرجل أرمص اه، أى: والمرأة رمصاء، والجمع شمط ورمص. (ع)
(٢). قوله «ميلاد واحد في الاستواء» لعله متعلق بمعنى التشبيه، أى: كأنهن على ميلاد واحد في استواء الخلق. (ع)
(٣). أخرجه الترمذي في الشمائل من رواية مبارك بن فضالة عن الحسن بهذا مرسلا وسياقه أتم. وله طرق أخرى. منها في البعث البيهقي من رواية ليث بن أبى سليم عن مجاهد عن عائشة. ومنها في الأوسط من رواية مسعدة ابن اليسع عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عائشة. ورواه خارجة بن مصعب عن سعيد عن قتادة عن أنس. وكلها ضعيفة.
(٤). أخرجه أحمد وابن أبى شبية وأبو يعلى والطبراني في الأوسط من رواية حماد بن سلمة عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة بهذا. وزاد على خلق آدم ستون ذراعا عرض سبعة أذرع. وذكر ابن أبى حاتم في العلل أن أباه قال: رواه أبو سلمة عن حماد مرسلا ولم يذكر فيه أبا هريرة وكذا أخرجه ابن سعد عن يحيى بن السكن عن حماد. وعلى بن زيد ضعيف. وفي الباب عن معاذ بن جبل. أخرجه الترمذي وقال: غريب.
وبعض أصحاب قتادة أرسلوه. وأخرجه البيهقي موصولا، ثم أخرجه موقوفا على قتادة. [.....]

صفحة رقم 462

فِي سَمُومٍ في حر نار ينفذ في المسام وَحَمِيمٍ وماء حار متناه في الحرارة وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ من دخان أسود بهيم لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ نفى لصفتى الظل عنه، يريد: أنه ظل، ولكن لا كسائر الظلال: سماه ظلا، ثم نفى عنه برد الظل وروحه ونفعه لمن يأوى إليه من أذى الحر وذلك كرمه ليمحق ما في مدلول الظل من الاسترواح إليه. والمعنى أنه ظل حارّ ضارّ إلا أنّ للنفي في نحو هذا شأنا ليس للإثبات. وفيه تهكم بأصحاب الشأمة، وأنهم لا يستأهلون الظل البارد الكريم الذي هو لأضدادهم في الجنة. وقرئ: لا بارد ولا كريم بالرفع، أى: لا هو كذلك والْحِنْثِ الذنب العظيم. ومنه قولهم: بلغ الغلام الحنث، أى: الحلم ووقت المؤاخذة بالمآثم.
ومنه: حنث في يمينه، خلاف: برّ فيها. ويقال: تحنث إذا تأثم وتحرج أَوَآباؤُنَا دخلت همزة الاستفهام على حرف العطف. فإن قلت: كيف حسن العطف على المضمر في لَمَبْعُوثُونَ من غير تأكيد بنحن؟ قلت: حسن للفاصل الذي هو الهمزة، كما حسن في قوله تعالى ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا لفصل لا المؤكدة النفي. وقرئ: أو آباؤنا. وقرئ: لمجمعون «١» إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ إلى ما وقتت به الدنيا من يوم معلوم، والإضافة بمعنى من، كخاتم فضة. والميقات:
ما وقت به الشيء، أى: حدّ. ومنه مواقيت الإحرام: وهي الحدود التي لا يتجاوزها من يريد دخول مكة إلا محرما أَيُّهَا الضَّالُّونَ عن الهدى الْمُكَذِّبُونَ بالبعث، وهم أهل مكة ومن في مثل حالهم مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ من الأولى لابتداء الغاية، والثانية لبيان الشجر وتفسيره. وأنث ضمير الشجر على المعنى، وذكره على اللفظ في قوله مِنْهَا وعَلَيْهِ ومن قرأ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فقد جعل الضميرين للشجرة، وإنما ذكر الثاني على تأويل الزقوم، لأنه تفسيرها وهي في معناه شُرْبَ الْهِيمِ قرئ بالحركات الثلاث، فالفتح والضم: مصدران.
وعن جعفر الصادق رضى الله عنه، أيام أكل وشرب، بفتح الشين. وأما المكسور فبمعنى المشروب، أى: ما يشربه الهيم وهي الإبل التي بها الهيام، وهو داء تشرب منه فلا تروى:
جمع أهيم وهيماء. قال ذو الرمّة:

(١). قوله «وقرئ: لمجمعون إلى ميقات» في الصحاح: أجمعت الشيء: جعلته جميعا. (ع)

صفحة رقم 463
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
الطبعة
الثالثة - 1407 ه
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية