آيات من القرآن الكريم

وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ
ﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁ ﰃﰄﰅﰆ ﰈﰉﰊﰋﰌ ﭑﭒﭓﭔﭕ ﭗﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭ

لأصحاب اليمين، الذين هم جماعة من الأولين أو السابقين في الوجود، وجماعة من الآخرين، أى: المتأخرين في الزمن كأمة النبي صلّى الله عليه وسلّم وقيل: هذا الصنف من أمة محمد والتأخر والتقدم في زمن الرسالة المحمدية، ولم يقل الحق- تبارك وتعالى-: جزاء بما كانوا يعملون كما قال في بيان السابقين المتقدم، إشارة إلى أن هذا الصنف المتوسط قد غمر بالفضل من الله لقصر عمله عن السابقين.
هؤلاء هم أصحاب الشمال، وهذا هو جزاؤهم [سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٤١ الى ٥٦]
وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥)
وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠)
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥)
هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦)
المفردات:
سَمُومٍ السموم: الريح الحارة التي تدخل في مسام البدن، أو التي تؤثر تأثير السم. وَحَمِيمٍ: ماء حار شديد الحرارة. يَحْمُومٍ اليحموم: دخان أسود

صفحة رقم 598

شديد السواد من نار جهنم. مُتْرَفِينَ الترف: التنعم، والمراد، متنعمين بالحرام.
الْحِنْثِ: الذنب العظيم، وعليه الحديث: كان يتحنث في حراء، أى: يفعل ما يزيل الذنب العظيم، وقيل الحنث: عدم البر بالقسم، وكانوا يقسمون على أنه لا بعث، وأن لله شريكا. مِنْ زَقُّومٍ: هو شجر كريه الطعم والشكل. شُرْبَ الْهِيمِ: جمع أهيم وهيماء، والمراد بالهيم الإبل العطاش التي لا تروى لداء أصابها.
وهذا هو جزاء أصحاب الشمال، الذين حقت عليهم كلمة العذاب بعد ذكر السابقين وأصحاب اليمين ليظهر الفرق جليا بين عاقبة الطاعة ونهاية المعصية.
المعنى:
وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال؟! هم في ريح حارة تفعل فعل السموم، وتدخل إلى البدن من مسام الجسم، هم في سموم وحميم، أى: ماء شديد الحرارة وظل من دخان أسود من نار جهنم، وتسميته ظلا من باب التهكم، هذا الظل ليس باردا بل حارّا، ولا كريما، أى: ليس كريم المنظر، ولا كريم المخبر لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ [سورة الزمر آية ١٦].
وما سبب هذا؟ إنهم كانوا قبل ذلك في الدنيا مترفين، أتبعوا أنفسهم هواها، ولم يكن لهم رادع يردعهم بل ظلوا يتنعمون بالحرام، ويتكبرون عن الحق والحلال، وكانوا يصرون على فعل الذنب العظيم، وهو الشرك، وكل منكر قبيح، وكانوا كذلك يقسمون بالأيمان على أنه لا بعث ولا ثواب، وعلى أنه لله شركاء وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ «١» وكانوا يقولون منكرين ومتعجبين: أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون «٢» ؟!! والمعنى: أنبعث إذا متنا وكنا ترابا؟! وتقييد الإنكار والاستبعاد للبعث بوقت كونه ترابا ليس للتخصيص، فإنهم منكرون للإحياء بعد الموت وإن كان البدن يظل كما هو، أنبعث نحن وآباؤنا الأولون؟ مع أنهم أقدم منا فبعثهم أبعد وأشد إنكارا.
وقد ذكر الله هنا سبب عقابهم في قوله: إِنَّهُمْ كانُوا... الآية، ولم يذكر

(١) - سورة النحل آية ٣٨. [.....]
(٢) - الهمزة للإنكار والتعجب وتكريرها في أإذا وأ إنا لتأكيد الإنكار.

صفحة رقم 599
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية