آيات من القرآن الكريم

وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ
ﮞﮟ ﮡﮢﮣ ﮥﮦ ﮨﮩ ﮫﮬ

ظلها ممدودا لَا شَمْسَ هُنَاكَ وَلَا زَمْهَرِيرَ اسْتَوَتِ الْأَزْمِنَةُ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقْطَعُهَا فَلَا تَكُونُ مَقْطُوعَةً بِسَبَبٍ حَقِيقِيٍّ وَلَا ظَاهِرٍ، فَالْمَقْطُوعُ يَتَفَكَّرُ الْإِنْسَانُ فِيهِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ مَقْطُوعٌ لَا مُنْقَطِعٌ مِنْ غَيْرِ قَاطِعٍ، وَفِي الْجَنَّةِ لَا قَاطِعَ فَلَا تَصِيرُ مَقْطُوعَةً.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَدَّمَ نَفْيَ كَوْنِهَا مَقْطُوعَةً لِمَا أَنَّ الْقَطْعَ لِلْمَوْجُودِ وَالْمَنْعَ بَعْدَ الْوُجُودِ لِأَنَّهَا تُوجَدُ أَوَّلًا ثُمَّ تُمْنَعُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً لَا تَكُونُ مَمْنُوعَةً مَحْفُوظَةً فَقَالَ: لَا تُقْطَعُ فَتُوجَدَ أَبَدًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الْمَوْجُودَ لَا يُمْنَعُ مِنْ أَحَدٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ غَيْرَ أَنَّا نُحِبُّ أَنْ لَا نَتْرُكَ شَيْئًا مما يخطر بالبال ويكون صحيحا. ثم قال تعالى:
[سورة الواقعة (٥٦) : آية ٣٤]
وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤)
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَعْنَى الْفُرُشِ وَنَذْكُرُ وَجْهًا آخَرَ فِيهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا الْمَرْفُوعَةُ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: مَرْفُوعَةُ الْقَدْرِ يُقَالُ: ثَوْبٌ رَفِيعٌ أَيِ عَزِيزٌ مُرْتَفِعُ الْقَدْرِ وَالثَّمَنِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها [الرَّحْمَنِ: ٥٤] وَثَانِيهَا: مَرْفُوعَةٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ثَالِثُهَا: مَرْفُوعَةٌ فَوْقَ السَّرِيرِ. ثُمَّ قَالَ تعالى:
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٣٥ الى ٣٨]
إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً (٣٧) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨)
وَفِي الْإِنْشَاءِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الضَّمِيرُ فِي: أَنْشَأْناهُنَّ عَائِدٌ إِلَى مَنْ؟ فِيهِ ثلاثة أوجه أحدها: إلى حُورٌ عِينٌ [الواقعة: ٢٢] وَهُوَ بَعِيدٌ لِبُعْدِهِنَّ وَوُقُوعِهِنَّ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى ثَانِيهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْفُرُشِ النِّسَاءُ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَيْهِنَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ [الْبَقَرَةِ: ١٨٧]، وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ صَارَتْ فِرَاشًا وَإِذَا صَارَتْ فِرَاشًا رُفِعَ قَدْرُهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَارِيَةٍ لَمْ تَصِرْ فِرَاشًا، وَهُوَ أَقْرَبُ مِنَ الْأَوَّلِ لَكِنْ يَبْعُدُ ظَاهِرًا لِأَنَّ وَصْفَهَا بِالْمَرْفُوعَةِ يُنْبِئُ عَنْ خِلَافِ ذَلِكَ وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى مَعْلُومٍ دَلَّ عَلَيْهِ فُرُشٌ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ فِي الدُّنْيَا وَفِي مَوَاضِعَ مِنْ ذِكْرِ الْآخِرَةِ، أَنَّ فِي الْفُرُشِ حَظَايَا تَقْدِيرُهُ وَفِي فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ حَظَايَا مُنْشَآتٌ وَهُوَ مِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي قوله تعالى: قاصِراتُ الطَّرْفِ [الرحمن: ٥٦] ومَقْصُوراتٌ [الرَّحْمَنِ: ٧٢] فَهُوَ تَعَالَى أَقَامَ الصِّفَةَ مُقَامَ الْمَوْصُوفِ وَلَمْ يَذْكُرْ نِسَاءَ الْآخِرَةِ بِلَفْظٍ حَقِيقِيٍّ أَصْلًا وَإِنَّمَا عَرَّفَهُنَّ بِأَوْصَافِهِنَّ وَلِبَاسِهِنَّ إِشَارَةً إِلَى صَوْنِهِنَّ وَتَخَدُّرِهِنَّ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْحُورَ فَيَكُونَ الْمُرَادُ الْإِنْشَاءَ الَّذِي هُوَ الِابْتِدَاءُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَنَاتِ آدَمَ فَيَكُونَ الْإِنْشَاءُ بِمَعْنَى إِحْيَاءِ الْإِعَادَةِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَبْكاراً يَدُلُّ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى الِابْتِدَاءِ لَعُلِمَ مِنْ كَوْنِهِنَّ أَبْكَارًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى بَيَانٍ وَلَمَّا كَانَ الْمُرَادُ إِحْيَاءَ بَنَاتِ آدَمَ قَالَ: أَبْكاراً أَيْ نَجْعَلُهُنَّ أَبْكَارًا وَإِنْ مِتْنَ ثَيِّبَاتٍ، فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْفَائِدَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ؟ نَقُولُ: الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْوَصْفَ بَعْدَهَا لَا يَكُونُ مِنْ غَيْرِهَا إِذَا كُنَّ أَزْوَاجَهُمْ بَيِّنُ الْفَائِدَةِ لِأَنَّ الْبِكْرَ فِي الدُّنْيَا لَا تَكُونُ عَارِفَةً بِلَذَّةِ الزَّوْجِ فَلَا

صفحة رقم 407
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية