آيات من القرآن الكريم

فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ
ﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃﰄ ﭑﭒﭓ ﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁ

﴿٦٦﴾ ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ﴾. أي: فوارتان.
﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ﴾ من جميع أصناف الفواكه، وأخصها النخل والرمان، اللذان فيهما من المنافع ما فيهما.
﴿فِيهِنَّ﴾ أي: في الجنات كلها ﴿خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ أي: خيرات -[٨٣٢]- الأخلاق حسان الأوجه، فجمعن بين جمال الظاهر والباطن، وحسن الخلق والخلق.
﴿حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾ أي: محبوسات في خيام اللؤلؤ، قد تهيأن وأعددن أنفسهن لأزواجهن، ولا ينفي ذلك خروجهن في البساتين ورياض الجنة، كما جرت العادة لبنات الملوك ونحوهن [المخدرات] الخفرات.
﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ أي: أصحاب هاتين الجنتين، متكأهم على الرفرف الأخضر، وهي الفرش التي فوق (١) المجالس العالية، التي قد زادت على مجالسهم، فصار لها رفرفة من وراء مجالسهم، لزيادة البهاء وحسن المنظر، ﴿وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ﴾ العبقري: نسبة لكل منسوج نسجا حسنا فاخرا، ولهذا وصفها بالحسن الشامل، لحسن الصنعة وحسن المنظر، ونعومة الملمس، وهاتان الجنتان دون الجنتين الأوليين، كما نص الله على ذلك بقوله: ﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ﴾ وكما وصف الأوليين بعدة أوصاف لم يصف بها الأخريين، فقال في الأوليين: ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ﴾ وفي الأخريين: ﴿عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ﴾ ومن المعلوم الفرق بين الجارية والنضاخة.
وقال في الأوليين: ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ﴾ ولم يقل ذلك في الأخريين. وقال في الأوليين: ﴿فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ﴾ وفي الأخريين ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ وقد علم ما بين الوصفين من التفاوت.
وقال في الأوليين: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾ ولم يقل ذلك في الأخيرتين، بل قال: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ﴾
وقال في الأوليين، في وصف نسائهم وأزواجهم: ﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان﴾ وقال في الأخريين: ﴿حور مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾ وقد علم التفاوت بين ذلك.
وقال في الأوليين (٢) ﴿هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ﴾ فدل ذلك أن الأوليين جزاء المحسنين، ولم يقل ذلك في الأخريين.
ومجرد تقديم الأوليين على الأخريين، يدل على فضلهما.
فبهذه الأوجه يعرف فضل الأوليين على الأخريين، وأنهما معدتان للمقربين من الأنبياء، والصديقين، وخواص عباد الله الصالحين، وأن الأخريين معدتان لعموم المؤمنين، وفي كل من الجنات [المذكورات] ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وفيهن ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وأهلها في غاية الراحة والرضا والطمأنينة وحسن المأوى، حتى إن كلا (٣) منهم لا يرى أحدا أحسن حالا منه، ولا أعلى من نعيمه [الذي هو فيه].
ولما ذكر سعة فضله وإحسانه، قال: ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإكْرَامِ﴾ أي: تعاظم وكثر خيره، الذي له الجلال الباهر، والمجد الكامل، والإكرام لأوليائه.
تم تفسير سورة الرحمن، ولله الحمد والشكر والثناء الحسن.

(١) في ب: تحت.
(٢) كذا في ب، وفي أ: الأخيرتين ويبدو أنه سبق قلم.
(٣) في ب: كل واحد منهم.

صفحة رقم 831

تفسير سورة الواقعة
[وهي] مكية

صفحة رقم 832
تيسير الكريم الرحمن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر بن حمد آل سعدي
تحقيق
عبد الرحمن بن معلا اللويحق
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى 1420ه -2000 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية