
في قوله ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا﴾ (١)، قال جماعة المفسرين: يجريان بحساب ومنازل لا يعدوانها (٢)، والمعنى فيه أنهما يدلان على عدد المشهور والسنين وجميع الأوقات، قال أبو إسحق: وخبر الابتداء يدل عليه قوله ﴿بِحُسْبَانٍ﴾؛ لأن المعنى: يجريان بحساب (٣).
وروى السدي عن أبي مالك في هذه الآية قال: لهما حساب وأجل أجل الناس، فإذا جاء أجلهما هلكا (٤)، وعلى هذا معنى الحساب حساب أيام جريهما إلى الإنقضاء، والقول هو الأول. (٥)
٦ - قوله تعالى: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾ قال عامة أهل اللغة والمفسرين: النجم: النبت على الأرض ليس له ساق، والشجر: ما كان على ساق، يبقى شتاء والنجم لا يبقى على الشتاء (٦).
(٢) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٦٢، و"جامع البيان" ٢٧/ ٦٧، و"الكشف والبيان" ١٢/ ٣٣ ب، أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٦٧.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٩٥.
(٤) أخرجه عبد بن حميد، وابن المنذر. انظر: "الدرر" ٦/ ١٤٠، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١٢/ ٣٤ أ، والقرطبي في "تفسيره" أيضًا ١٧/ ١٥٣.
(٥) وهو اختيار ابن جرير، والمعتمد عند ابن كثير. انظر: "جامع البيان" ٢٧/ ٦٨، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٢٧، و"تفسير القاسمي" ١٥/ ٥٦١٣.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١١٢، و"مجاز القرآن" ٢/ ٢٤٢، و"جامع البيان" ٢٧/ ٦٨، و"معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٩٦.

قال ابن الأعرابي: النجمة نبتة صغيرة وجمعها نَجْمٌ (١)، ويقال: نجم النبات إذا طلع، ونجم القرن، ونجم النجم، ونجم السن، كل ذلك بمعنى طلع، وأنشد أبو عبيدة للحارث بن ظالم (٢):
أَخُصْيَيْ حِمارٍ ظَلَّ يَكْدِمُ نَجْمةً | أَتُؤْكَلُ جاراتي وجارُك سالمُ (٣) |
وأنشد الليث:
مُوزَرٌ بعميم النَّجْم تنسجهُ | ريحُ الخريف لضاحي مائه حُبُكُ (٥) |
وقوله: ﴿يَسْجُدَانِ﴾ قال الفراء والكسائي: العرب إذا جمعت جمعين من غير الناس مثل السدر والنخل جعلوا فعليهما واحدًا، فتقول: السدر والنخل تنبت، والإبل والغنم مقبلة، ويجوز ينبتان ومقبلتان، والأول كلامهم، وذكر في الآية على لفظ التثنية لوفاق الفواصل (٦)، هذا
(٢) أبو ليلى. محمد بن مرة بن ذبيان، تقدمت ترجمته.
(٣) ورد البيت منسوبًا في "المفضيات" ص ٣١٣، و"اللسان" ٣/ ٥٩ (نجم)، و"المنصف" ٢/ ١٣١.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" ١١/ ١٢٩ (نجم).
(٥) البيت لزهير بن أبي سلمى. كما في "ديوانه" ص ١٧٦، و"المحتسب" ٢/ ٢١٧، و"اللسان" ٣/ ٥٩ (خبك) وفي الألفاظ بعض الاختلاف والشاهد فيه أن النجم هو نبت يمتد على وجه الأرض بلا ساق.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١١٢.