آيات من القرآن الكريم

فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
ﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡ

ثم قال عز وجل: فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ يعني: عن علمه إِنْسٌ وَلا جَانٌّ يعني:
إنسياً، ولا جنياً لأن الله تعالى قد أحصى عليه: ويقال: لا يسأل سؤال استفهام، ولكن يسأل سؤال التوبيخ والزجر كقوله تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) [الحجر: ٩٢] ويقال لا يسأل الكافر لأنه عرف بعلامته.
ثم قال: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يعني: إذا كان يوم القيامة، أعطاكم الثواب، وأدخلكم في جنته، فكيف تنكرون وحدانيته؟ ويقال: معناه إن الله قد بين لكم أنه يعلم أعمالكم، ونهاكم عن الذنوب، وتجاوز عنكم، فكيف تنكرون، وحدانيته.
قوله عز وجل: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ يعني: يُعرف الكافر بسواد الوجوه، وزرقة الأعين، فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ وذلك أن خزنة جهنم بعد الحساب، يغلون أيديهم إلى أعناقهم، ويجمعون بين نواصيهم إلى أقدامهم، ثم يدفعونهم على وجوههم، فيطرحونهم في النار.
ثم قال: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يعني: هو الذي يدفع عنكم ذلك العذاب إن آمنتم به، وأطعتموه ووحدتموه، فكيف تنكرون هذه النعمة؟.
ثم قال عز وجل: هذِهِ جَهَنَّمُ وذلك أن الكفار إذا دنوا من النار، تقول لهم الخزنة:
هذه جهنم الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يعني: جهنم التى كنتم بها تكذبون في الدنيا.
ثم أخبر عن حالهم فيها فقال: يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ يعني: الشراب الحار الذي قد انتهى حره، وذلك أنه يسلط عليهم الجوع، فيؤتى بهم إلى الزقوم الذي طلعه كرؤوس الشياطين، فأكلوا منه، فأخذ في حلقهم، فاستغاثوا بالماء، فأتوا من الحميم. فإذا قربوا إلى وجوههم، تناثر لحم وجوههم، فيشربون، فيغلي في أجوافهم، ويخرج جميع ما فيها، ثم يلقى عليهم الجوع، فمرة يذهب بهم إلى الحميم، ومرة إلى الزقوم، فذلك قوله تعالى:
يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٤٥ الى ٦١]
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٥) وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧) ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩)
فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٩)
هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦١)

صفحة رقم 385

ثم قال: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يعني: هو الذي ينجيكم من عذاب الآخرة، إن أطعتم أمره، وآمنتم برسله، فكيف تنكرون وحدانية الله تعالى؟ ويقال: معناه إن إخباري إياكم بهذه العقوبة نعمة لكم، لكي تنتهوا عن الكفر والمعاصي، فلا تنكروا نعمتي عليكم.
فقد ذكر الله في هذه الآيات دفع البلاء، ثم ذكر إيصال النعم لمن اتقاه وأطاع أمره، فقال: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ يعني: من خاف عند المعصية مقام يوم القيامة بين يدي ربه، فانتهى عن المعصية، فله في الآخرة جَنَّتانِ يعني: بستانان. وقال مجاهد: هو الرجل يهم بالمعصية، فيذكر الله عندها، فيدعها، فله أجران. وذكر عن الفراء أنه قال: جَنَّتانِ أراد به جنة واحدة، وإنما ذكر جَنَّتانِ للقوافي، والقوافي تحتمل الزيادة والنقصان ما لا يحتمل الكلام. وقال القتبي: هذا لا يجوز، لأن الله قد وعد ببستانين، فلا يجوز أن يريد بهما واحداً، فلو جاز هذا لجاز أن يقال في قوله: تسعة عشر إنما هم عشرون، ولكن ذكر للقوافي.
ثم قال: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يعني: بأي نعمة من نعماء الله تعالى تتجاحدان؟ إذ جعل الجنة ثواب أعمالكم، فكيف تنكرون وحدانية الله تعالى ونعمته؟ قوله تعالى: ذَواتا أَفْنانٍ يعني: ذواتاً ألوان. يعني: البساتين فيها ألوان من الثمرات. ويقال: ذَواتا أغصان.
وقال الزجاج: الأفنان ألوان، وهي الأغصان أيضاً واحدها فَنَنٌ.
ثم قال: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يعني: قد وُعِدْتُّمُ الجنة، والراحة، فكيف تنكرون وحدانيته ونعمته؟.
ثم قال عز وجل: فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ يعني: في البساتين نهران من ماء غير آسن أي: غير متغير.
ثم قال: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يعني: جعل الأنهار نزاهة لكم زيادة في النعمة، فكيف تنكرون قدرة الله تعالى ونعمته؟.
ثم قال: فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ يعني: في هذين البساتين، من كل لون من الفاكهة صنفان، الحلو، والحامض. ويقال: لونان فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يعني: جعل فيهما من الراحة والنزاهة من كل نوع من الفاكهة؟ فكيف تنكرون نعمته وقدرته.

صفحة رقم 386
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية