آيات من القرآن الكريم

أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَٰئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ
ﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣﯤﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻ

أَصَابَهَا مَا أَصَابَ قَوْمَهَا، وَخَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ لُوطٌ وَبَنَاتٌ لَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ سَالِمًا لَمْ يَمْسَسْهُ سُوءٌ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا أَيْ وَلَقَدْ كَانَ قَبْلَ حُلُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ قَدْ أَنْذَرَهُمْ بَأْسَ اللَّهِ وَعَذَابَهُ فَمَا الْتَفَتُوا إِلَى ذَلِكَ وَلَا أَصْغَوْا إِلَيْهِ بَلْ شَكُّوا فِيهِ وَتَمَارَوْا بِهِ.
وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ وَذَلِكَ لَيْلَةَ وَرَدَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ في صور شَبَابٍ مُرْدٍ حِسَانٍ مِحْنَةً مِنَ اللَّهِ بِهِمْ، فَأَضَافَهُمْ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَبَعَثَتِ امْرَأَتُهُ الْعَجُوزُ السُّوءُ إِلَى قَوْمِهَا فَأَعْلَمَتْهُمْ بِأَضْيَافِ لُوطٍ، فَأَقْبَلُوا يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَأَغْلَقَ لُوطٌ دُونَهُمُ الْبَابَ، فَجَعَلُوا يُحَاوِلُونَ كَسْرَ الْبَابِ، وَذَلِكَ عَشِيَّةً وَلُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُدَافِعُهُمْ وَيُمَانِعُهُمْ دُونَ أَضْيَافِهِ وَيَقُولُ لَهُمْ: هؤُلاءِ بَناتِي يَعْنِي نِسَاءَهُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ... قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ [الحجر: ٧١- ٧٢] أَيْ لَيْسَ لَنَا فِيهِنَّ أَرَبٌ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ فَلَمَّا اشْتَدَّ الْحَالُ وَأَبَوْا إِلَّا الدُّخُولَ، خَرَجَ عَلَيْهِمْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَضَرَبَ أَعْيُنَهُمْ بِطَرَفِ جَنَاحِهِ، فَانْطَمَسَتْ أَعْيُنُهُمْ، يُقَالُ إِنَّهَا غَارَتْ مِنْ وُجُوهِهِمْ، وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ تَبْقَ لَهُمْ عُيُونٌ بِالْكُلِّيَّةِ، فَرَجَعُوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ يَتَحَسَّسُونَ بِالْحِيطَانِ، وَيَتَوَعَّدُونَ لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الصَّبَاحِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ أَيْ لَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهُ وَلَا انْفِكَاكَ لَهُمْ مِنْهُ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٤١ الى ٤٦]
وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ (٤٣) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (٤٤) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥)
بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (٤٦)
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ: إِنَّهُمْ جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ مُوسَى وَأَخُوهُ هَارُونُ بِالْبِشَارَةِ إِنْ آمَنُوا، وَالنِّذَارَةِ إِنْ كَفَرُوا، وَأَيَّدَهُمَا بِمُعْجِزَاتٍ عَظِيمَةٍ وَآيَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَكَذَّبُوا بِهَا كُلِّهَا، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ أَيْ فَأَبَادَهُمُ الله ولم يبق منهم مخبر ولا عين ولا أثر، ثم قال تعالى: أَكُفَّارُكُمْ أَيْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ يَعْنِي مِنَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ مِمَّنْ أُهْلِكُوا بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمُ الرُّسُلَ وَكُفْرِهِمْ بالكتب، أأنتم خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ؟ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ أَيْ أَمْ مَعَكُمْ مِنَ اللَّهِ بَرَاءَةٌ أن لا ينالكم عذاب ولا نكال؟ ثم قال تعالى مُخْبِرًا عَنْهُمْ: أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ أي يعتقدون أنهم يتناصرون بعضهم بعضا، وأن جميعهم يُغْنِي عَنْهُمْ مَنْ أَرَادَهُمْ بِسُوءٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ أَيْ سَيَتَفَرَّقُ شَمْلُهُمْ وَيُغْلَبُونَ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ، وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ

صفحة رقم 445
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية