آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ
ﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣﯤﯦﯧﯨﯩ

وقوله تعالى ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ يدعو الله تعالى هذه الأمة إلى كتابه قراءة وحفظاً وتذكراً فإنه مصدر كمالهم وسعادتهم لا سيما وقد سهله وهيأه لذلك. ولا يهلك على الله إلا هالك.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- بيان سنة الله في إهلاك المكذبين.
٢- بيان أن الآيات لا تستلزم الإيمان وإلا فآية صالح من أعظم الآيات ولم تؤمن بها قوم ثمود.
٣- أشقى أمة الإسلام عقبة بن أبي معيط الذي وضع سلى الجذور على ظهر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي حول الكعبة، وعاقر ناقة صالح غدار بن سالف كما جاء في الحديث.
٤- دعوة الله إلى حفظ القرآن والتذكير به فإنه مصدر الإلهام والكمال والإسعاد.
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٧) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨) فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٤٠) وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) كَذَّبُوا بِآياتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢)
شرح الكلمات:
كذبت قوم لوط بالنذر: كذبت قوم لوط بالنذر التي أنذرهم بها وخوفهم منها لوط عليه السلام.

صفحة رقم 214

إنا أرسلنا عليهم حاصبا: أي ريحاً ترميهم بالحصباء وهي الحجارة الصغيرة فهلكوا.
إلا آل لوط نجيناهم بسحر: أي بنتاه وهو معهم نجاهم الله تعالى من العذاب حيث غادروا البلاد قبل نزول العذاب بها.
نعمة من عندنا: أي إنعاماً منا عليهم ورحمة منا بهم.
كذلك نجزي من شكر: أي مثل هذا الجزاء بالنجاة من الهلاك نجزي من شكرنا بالإيمان والطاعة.
ولقد أنذرهم بطشتنا: أنذرهم لوط أي خوفهم أخذتنا إياهم بالعذاب.
فتماروا بالنذر: أي فتجادلوا وكذبوا بالنذر التي أنذرهم بها وخوفهم منها.
ولقد راودوه عن ضيفه١: أي أن يخلى بينهم وبين ضيفه وهم ملائكة ليخبثوا بهم.
فطمسنا أعينهم: أي ضربهم جبريل بجناحه فطمس أعينهم فكانت كباقي وجوههم.
ولقد صبحهم بكرة عذابٌ: أي نزل بهم بكرة صباحاً عذاب مستقر لا يفارقهم أبداً هلكوا به في الدنيا
مستقر ويصحبهم في البرزخ ويلازمهم في الآخرة.
ولقد يسرنا القرآن للذكر: أي سهلناه للحفظ والتذكر به والعمل بما فيه.
فهل من مدكر؟ : أي من متذكر فيعمل بما فيه فينجو من النار ويسعد في الجنة.
ولقد جاء آل فرعون النذر: أي قوم فرعون الإنذارات على لسان موسى وهارون عليهما السلام.
كذبوا بآياتنا كلها: أي فلم يؤمنوا بل كذبوا بآياتنا التسع التي آتيناها موسى.
فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر: أي فأخذناهم بالعذاب وهو الغرق أخذ قوي مقتدر على كل شيء لا يعجزه شيء.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر موجز لقصص عدد من الأمم السابقة تسلية لرسول لله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

١ ليخبثوا بهم، أي: بإتيانهم الفاحشة، في القاموس: الخبث: الزنا، وخبث ككرم: إذا زنى وخبثت المرأة: إذا زنت فهي خبيثة، والزاني: خبيث.

صفحة رقم 215

وتهديداً للمشركين المصرين على الشرك بالله والتكذيب لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنذاراً لأهل الشرك والمعاصي في كل زمان ومكان فقال تعالى ﴿كَذَّبَتْ١ قَوْمُ لُوطٍ﴾ وهم أهل قرى سدوم٢ وعمورة كذبوا رسولهم لوطاً بن أخي إبراهيم عليه السلام هاران. كذبوا بالنذر وهي الآيات التي أنذرهم لوط بها وخوفهم من عواقبها.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً٣﴾ أي لما كذبوا بالنذر وأصروا على الكفر وإتيان الفاحشة أرسلنا عليهم حاصباً ريحاً تحمل الحصباء الحجارة الصغيرة فأهلكناهم بعد قلب البلاد بجعل عاليها سافلها. وقوله تعالى ﴿إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَر٤ٍ﴾ والمراد من آل لوط لوط ومن آمن معه من ابنتيه وغيرهما نجاهم الله تعالى بسحر وهو آخر الليل. وقوله ﴿نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا﴾ أي كان انجاؤهم إنعاماً منا عليهم ورحمة منا بهم. وقوله تعالى ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ﴾ أي كهذا الانجاء أي من العذاب الدنيوي نجزي من شكرنا فآمن بنا وعمل صالحاً طاعة لنا وتقربا إلينا وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ٥ بَطْشَتَنَا﴾ أي إننا لم نأخذهم بظلم منا ولا بدون سابق إنذار منا لا، لا بل أخذناهم بظلمهم، وبعد تكرر إنذارهم، فكانوا إذا أنذروا تماروا بما أنذروا فجادلوا فيه مستهزئين مكذبين، ومن أعظم ظلمهم أنهم راودوا لوطاً عن ضيفه من الملائكة وهم في صورة بشر، فلما راودوه عنهم ليفعلوا الفاحشة ضربهم جبريل بجناحه فطمس أعينهم فأصبحت كسائر وجوههم لا حاجب ولا مقلة ولا مكان للعين بالكلية وقولنا لهم فذوقوا عذابي ونذري أي لأولئك الذين راودوا لوطاً عن ضيفه، أما باقي الأمة فهلاكهم كان كما أخبر تعالى عنه بقوله: ﴿وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً﴾ أي صباحاً ﴿عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ﴾ أي دائم لهم ملازم لا يفارقهم ذاقوه في الدنيا موتاً وصاحبهم بزرخاً ويلازمهم في جهنم لا يفارقهم. وقلنا لهم فذوقوا عذابي ونذر حيث كنتم تمارون وتستهزئون وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا٦ الْقُرْآنَ لِلذِّكْر﴾ أي القرآن للحفظ وسهلناه للفهم والاتعاظ به والتذكر فهل من مدكر أي فهل من متذكر متعظ معتبر فيقبل على طاعة الله متجنباً معاصيه فينجو ويسعد وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَ

١ عرف قوم لوط بالإضافة إليه عليه السلام لأنه لم يكن لتلك الأمة اسم عند العرب يعرفون به.
٢ بعضهم يرويها بالذال المعجمة وبعضهم بالدال المهملة، وعمورة بعضهم يرويها بلفظ عمورية.
(إنا أرسلنا) الجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً لأن من سمع بتكذيبهم تساءل عما فعل الله بهم.
٤ لوط داخل في آله بفحوى الخطاب فلا يقال: لم لم يذكر لوط وذكر آله دونه.
٥ البطشة المرة: أي الأخذة بشدة وعنف وقوة.
٦ هذه المرة الثالثة ينوه فيها القرآن الكريم ولم يذكر هنا ما ذكر في المرتين قبل قوله: (فكيف كان عذابي ونذر) اكتفاء بما سبق ذكره بعداً عن التكرار غير المجدي.

صفحة رقم 216
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية