آيات من القرآن الكريم

عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَىٰ
ﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ ابن يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ يَا أُمَّاهُ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ قَفَّ شَعْرِي مِمَّا قُلْتَ: أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلَاثٍ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ؟ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: "لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"، (الْأَنْعَامِ-١٠٣) "وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ" (الشُّورَى-٥١) وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: "وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا" (لُقْمَانَ-٣٤) وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ شَيْئًا فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ" (الْمَائِدَةِ-٦٧) الْآيَةَ، وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ (١).
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ [شَقِيقٍ] (٢) عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: "نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ" (٣).
﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) ﴾
﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ: "أَفَتَمْرُونَهُ" بِفَتْحِ التَّاءِ [وَسُكُونِ الْمِيمِ] (٤) بِلَا أَلْفٍ، أَيْ: أَفَتَجْحَدُونَهُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: مَرَيْتُ الرَّجُلَ حَقَّهُ إِذَا جَحَدْتُهُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: "أَفَتُمَارُونَهُ" بِالْأَلْفِ وَضَمِّ التَّاءِ عَلَى مَعْنَى أَفَتُجَادِلُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَذَلِكَ أَنَّهُمْ جَادَلُوهُ حِينَ أُسْرِيَ بِهِ، فَقَالُوا: صِفْ لَنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَأَخْبِرْنَا عَنْ عِيرِنَا فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَادَلُوهُ بِهِ، وَالْمَعْنَى: أَفَتُجَادِلُونَهُ جِدَالًا تَرُومُونَ بِهِ دَفْعَهُ عَمَّا رَآهُ وَعَلِمَهُ.
﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ يَعْنِي: رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ نَزْلَةً أُخْرَى، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَآهُ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةً فِي الْأَرْضِ وَمَرَّةً فِي السَّمَاءِ.
﴿عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَى: "نَزْلَةً أُخْرَى" هُوَ أَنَّهُ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَجَاتٌ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِمَسْأَلَةِ التَّخْفِيفِ مِنْ أَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ، فَيَكُونُ لِكُلِّ عَرْجَةٍ نَزْلَةٌ، فَرَأَى رَبَّهُ

(١) أخرجه البخاري في التفسير-تفسير سورة النجم: ٨ / ٦٠٦.
(٢) في "أ" سفيان وهو خطأ.
(٣) أخرجه مسلم في الإيمان، باب في قوله عليه السلام: نور أنى أراه، وفي قوله: رأيت نورًا. برقم: (١٧٨) : ١ / ١٦١.
(٤) زيادة من "ب".

صفحة رقم 404

فِي بَعْضِهَا، وَرُوِّينَا عَنْهُ: "أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ" (١) وَعَنْهُ: "أَنَّهُ رَأَى بِعَيْنِهِ" (٢) قَوْلُهُ: "عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى" رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرَجُ بِهِ مِنَ الْأَرْضِ فَيُقْبَضُ مِنْهَا، وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا، قَالَ تَعَالَى: "عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى"، قَالَ: فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ (٣).
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ: "ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ" (٤).
"وَالسِّدْرَةُ" شَجْرَةُ النَّبْقِ، وَقِيلَ لَهَا: سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى لِأَنَّهُ إِلَيْهَا يَنْتَهِي عِلْمُ الْخَلْقِ. قَالَ هِلَالُ بْنُ [يَسَافَ] (٥) : سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَعْبًا عَنْ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَأَنَا حَاضِرٌ، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّهَا سِدْرَةٌ فِي أَصْلِ العرش على رؤوس حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي عِلْمُ الْخَلَائِقِ، وَمَا خَلْفَهَا غَيْبٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ (٦).
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشَّرِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ فَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْمَسُوحِيُّ، حَدَّثَنَا عَبِيدُ بْنُ يَعِيشَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدَّتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، قَالَ: "يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّ الْفَنَنِ مِنْهَا مِائَةَ عَامٍ وَيَسْتَظِلُّ فِي الْفَنَنِ مِنْهَا مِائَةُ أَلْفِ رَاكِبٍ، فِيهَا فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ، كَأَنَّ ثَمَرَهَا الْقِلَالُ" (٧).
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هِيَ شَجَرَةٌ تَحْمِلُ الْحُلِيَّ وَالْحُلَلَ وَالثِّمَارَ مِنْ جَمِيعِ الْأَلْوَانِ، لَوْ أَنَّ وَرَقَةً وُضِعَتْ مِنْهَا فِي الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَهِيَ طُوبَى الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الرَّعْدِ.

(١) أخرجه مسلم في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل: (ولقد رآه نزلة أخرى٠٠) برقم: (١٧٦) : ١ / ١٥٨.
(٢) ساق الحافظ ابن كثير رواية الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما "رأيت ربي عز وجل" وقال: "حديث إسناده على شرط الصحيح لكنه مختصر من حديث المنام": ٤ / ٢٥٢، ثم قال في الصفحة التالية: "وتقدم أن ابن عباس -رضي الله عنهما- كان يثبت الرؤية ليلة الإسراء، ويستشهد بهذه الآية (ولقد رآه نزلة أخرى) وتابعه جماعة من السلف والخلف وقد خالفه جماعات من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وغيرهم".
(٣) أخرجه مسلم في الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى برقم: (١٧٣) : ١ / ١٥٧.
(٤) قطعة من حديث مالك بن صعصعة رضي الله عنه في المعراج، أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، ٦ / ٣٠٢-٣٠٣، ومسلم في الإيمان، باب الإسراء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى السموات وفرض الصلوات برقم: (١٦٢) : ١ / ١٤٥-١٤٧.
(٥) في "ب" يسار والصحيح ما أثبتناه.
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٦٥٠ لابن أبي شيبة.
(٧) أخرجه الترمذي في صفة الجنة، باب ما جاء في صفة ثمار الجنة: ٧ / ٢٤٨-٢٤٩ وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب"، والطبري: ٢٧ / ٥٤-٥٥، والحاكم: ٢ / ٤٦٩ وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه". وزاد السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٦٥٠ عزوه لابن مردويه.

صفحة رقم 405
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية