آيات من القرآن الكريم

فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ
ﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫ

﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدٌ الْقُوَى ﴾ يعني : جبريل في قول الجميع.
﴿ ذو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ﴾ فيه خمسة أوجه :
أحدها : ذو منظر حسن، قاله ابن عباس.
الثاني : ذو غناء، قاله الحسن.
الثالث : ذو قوة، قاله مجاهد وقتادة، ومن قول خفاف بن ندبة :

إني امرؤ ذو مرة فاستبقني فيما ينوب من الخطوب صليب
الرابع : ذو صحة في الجسم وسلامة من الآفات، ومن قول امرىء القيس :
كنت فيهم أبداً ذا حيلة محكم المرة مأمون العقد
الخامس : ذو عقل، قاله ابن الأنباري، قال الشاعر :
قد كنت عند لقاكم ذا مرة عندي لكل مخاصم ميزانه
وفي قوله ﴿ فَاسْتَوَى ﴾ خمسة أوجه :
أحدها : فاستوى جبريل في مكانه، قاله سعيد بن جبير.
الثاني : قام جبريل على صورته التي خلق عليها لأنه كان يظهر له قبل ذلك في صورة لا رجل. حكى ابن مسعود أن النبي ﷺ لم ير جبريل على صورته إلا مرتين : أما واحدة، فإنه سأله أن يراه في صورته فسد الأفق. وأما الثانية، فإنه كان معه حين صعد، وذلك قوله ﴿ وَهُوَ بِاْلأُفُقِ الأَعْلَى ﴾.
الثالث : فاستوى القرآن في صدره، وفيه على هذا وجهان :
أحدهما : فاعتدل في قوته.
الثاني : في رسالته.
الرابع : يعني : فارتفع، وفيه على هذا وجهان :
أحدهما : أنه جبريل ارتفع إلى مكانه.
الثاني : أنه النبي ﷺ، ارتفع بالمعراج.
﴿ وَهُوَ بِلأُفُقِ الأَعْلَى ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنه جبريل حين رأى النبي ﷺ بالأفق الأعلى، قاله السدي.
الثاني : أنه النبي ﷺ رأى جبريل بالأفق الأعلى، قاله عكرمة. وفي الأفق الأعلى ثلاثة أقاويل :
أحدها : هو مطلع الشمس، قاله مجاهد.
الثاني : هو الأفق الذي يأتي منه النهار، قاله قتادة، يعني طلوع الفجر.
الثالث : هو أفق السماء وهو جانب من جوانبها، قاله ابن زيد، ومنه قول الشاعر :
أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قمراها والنجوم والطوالع
﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنه جبريل، قاله قتادة.
الثاني : أنه الرب، قاله ابن عباس.
وقوله ﴿ فَتَدَلَّى ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : تعلق فيما بين والسفل لأنه رآه منتصباً مرتفعاً ثم رآه متدلياً، قاله ابن بحر.
الثاني : معناه قرب، ومنه قوله تعالى :﴿ وَتُدلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾ أي تقربوها إليهم، وقال الشاعر :
أتيتك لا أدلي بقربى قريبة إليك ولكني بجودك واثق
وقيل فيه تقديم وتأخير، وتقديره : ثم تدلى فدنا، قاله ابن الأنباري.
﴿ فَكَانَ قَابَ قَوْسَينِ أَوْ أَدْنَى ﴾ فيه أربعة أقاويل :
أحدها : قيد قوسين، قاله قتادة والحسن.
الثاني : أنه بحيث الوتر من القوس، قاله مجاهد.
الثالث : من مقبضها إلى طرفها، قاله عبد الحارث.
الرابع : قدر ذراعين، قاله السدي، فيكون القاب عبارة عن القدر، والقوس عبارة عن الذراع.

صفحة رقم 186

ثم اختلفوا في المعنى بهذا الداني على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه جبريل من ربه، قاله مجاهد وهو قول ابن عباس.
الثاني : أنه محمد ﷺ من ربه، قاله محمد بن كعب.
الثالث : أنه جبريل من محمد ﷺ.
﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَآ أَوْحَى ﴾ في عبده الموحى إليه قولان :
أحدهما : أنه جبريل عليه السلام أوحى إليه ما يوحي إلى رسول الله ﷺ، قالته عائشة، والحسن، وقتادة.
الثاني : أنه محمد ﷺ أوحي إليه على لسان جبريل، قاله ابن عباس والسدي.
﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ في الفؤاد قولان :
أحدهما : أنه أراد صاحب الفؤاد فعبر عنه بالفؤاد لأنه قطب الجسد وقوام الحياة.
الثاني : أنه أرد نفس الفؤاد لأنه محل الاعتقاد وفيه قولان :
أحدهما : معناه ما أوهمه فؤداه ما هو بخلافه كتوهم السراب ماء، فيصير فؤاده بتوهم المحال كالكاذب له، وهو تأويل من قرأ ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ ﴾ بالتخفيف.
الثاني : معناه ما أنكر قلبه ما رأته عينه، وهو تأويل من قرأ ﴿ كَذَّبَ ﴾ بالتشديد.
وفي الذي رأى خمسة أقاويل :
أحدها : رأى ربه بعينه، قاله ابن عباس.
الثاني : في المنام، قاله السدي.
الثالث : أنه بقلبه روى محمد بن كعب قال : قلنا يا رسول الله [ هل رأيت ربك ] ؟ قال :« رَأَيْتُهُ بِفُؤَادِي مَرَّتَيْنِ » ثم قرأ :﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾.
الرابع : أنه رأى جلاله، قاله الحسن، وروى أبو العالية قال : سئل رسول الله ﷺ قال :« رَأَيتُ نَهْرَاً وَرَأَيتُ وَرَاءَ النَّهْرِ حَجَاباً ورَأَيتُ وَرَاءَ الحِجَابِ نُوراً لَمْ أَرَ غَيَرَ ذَلِكَ ».
الخامس : أنه رأى جبريل على صورته مرتين، قاله ابن مسعود.
﴿ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أفتجادلونه على ما يرى، قاله إبراهيم.
الثاني : أفتجادلونه على ما يرى، وهو مأثور.
الثالث : أفتشككونه على ما يرى، قاله مقاتل.
﴿ وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى ﴾ يعني أنه رأى ما رآه ثانية بعد أُولى، قال كعب : إن الله تعالى قسم كلامه ورؤيته بين محمد وموسى عليهما السلام، فرآه محمد مرتين، وكلمه موسى مرتين.
﴿ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى ﴾ روي فيها خبران.
أحدهما : ما روى طلحة بن مصرف عن مرة عن ابن مسعود قال : لما أسري بالنبي ﷺ انتهى إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة، وإليها ينتهي ما يعرج من الأرواح فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها الخبر.
الثاني : ما رواه معمر عن قتادة عن أنس أن النبي ﷺ قال :« رُفِعَتْ لِيَ سِدْرَةُ الْمُنتَهَى فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، ثَمَرُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجْرٍ، وَوَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الفِيَلَةِ، يَخْرُجُ مِن سَاقِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهْرَانِ بِاطِنَانِ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ : أَمَّا النَّهْرَانِ البَاطِنَانِ فَفِي الجَنَّةِ، وَأَمَّا النَّهْرانِ الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالفُرَاتُ ».

صفحة رقم 187

وفي سبب تسميتها سدرة المنتهى خمسة أوجه :
أحدها : لانه ينتهي علم الأنبياء إليها، ويعزب علمهم عما وراءها، قاله ابن عباس.
الثاني : لأن الأعمال تنتهي إليها وتقبض منها، قاله الضحاك.
الثالث : لانتهاء الملائكة والنبيين إليها ووقوفهم عندها، قاله كعب.
الرابع : لأنه ينتهي إليها كل من كان على سنة رسول الله ﷺ ومنهاجه، قاله الربيع بن أنس.
الخامس : لأنه ينتهي إليها كل ما يهبط من فوقها ويصعد من تحتها، قاله ابن مسعود.
﴿ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴾ فيه قولان :
أحدهما : جنة المبيت والإقامة، قاله علي، وأبو هريرة.
الثاني : أنها منزل الشهداء، قاله ابن عباس، وهي عن يمين العرش وفي ذكر جنة المأوى وجهان على ما قدمناه في سدرة المنتهى :
أحدهما : أن المقصود بذكرها تعريف موضعها بأنه عند سدرة المنتهى، قاله الجمهور.
﴿ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن الذي يغشاها فراش من ذهب، قاله ابن مسعود ورواه مرفوعاً.
الثاني : أنهم الملائكة، قاله ابن عباس.
الثالث : أنه نور رب العزة، قاله الضحاك.
فإن قيل لم اختيرت السدرة لهذا الأمر دون غيرها من الشجر؟ قيل : لأن السدرة تختص بثلاثة أوصاف : ظل مديد، وطعم لذيذ، ورائحة ذكية، فشابهت الإيمان الذي يجمع قولاً وعملاً ونية، فظلها بمنزلة العمل لتجاوزه، وطعمها بمنزلة النية لكمونه، ورائحتها بمنزلة القول لظهوره.
﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ في زيغ البصر ثلاثة أوجه؛ أحدها : انحرافه.
الثاني : ذهابه، قاله ابن عباس.
الثالث : نقصانه، قاله ابن بحر.
وفي طغيانه ثلاثة أوجه :
أحدها : ارتفاعه عن الحق.
الثاني : تجاوزه للحق، قاله ابن عباس.
الثالث : زيادته، ويكون معنى الكلام أنه رأى ذلك على حقه وصدقه من غير نقصان عجز عن إدراكه، ولا زيادة توهمها في تخليه، قاله ابن بحر.
﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : ما غشي السدرة من فراش الذهب، قاله ابن مسعود.
الثاني : أنه قد رأى جبريل وقد سد الأفق بأجنحته، قاله ابن مسعود أيضاً.
الثالث : ما رأه حين نامت عيناه ونظر بفؤاده، قاله الضحاك.

صفحة رقم 188
النكت والعيون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد البصري الماوردي الشافعي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية