آيات من القرآن الكريم

وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ
ﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﰋﰌﰍﰎﰏ

ثم قال: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يعني: من غير رب. كانوا هكذا خلقاً من غير شيء. ومعناه: كيف لا يعتبرون بأن الله تعالى خلقهم، فيوحدونه، ويعبدونه. ويقال: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يعني: لغير شيء. ومعناه: أخلقوا باطلاً لا يحاسبون، ولا يؤمرون، ولا ينهون.
ثم قال: أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ يعني: أهم خلقوا الخلق؟ أم الله تعالى؟ ومعناه: أن الله تعالى خلق الخلق، وهو الذي يبعثهم يوم القيامة.
ثم قال: أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ يعني: بل الله تعالى خلقهم بَلْ لاَّ يُوقِنُونَ بتوحيد الله الذي خلقهما، أنه واحد لا شريك له.
ثم قال أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ يعني: مفاتيح رزق ربك. ويقال: مفاتيح ربك الرسالة، فيضعونها حيث شاؤوا، ولكن الله يختار من يشاء، كقولهم: أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٥) [القمر: ٢٥].
ثم قال: أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ يعني: أهم المسلطون عليهم، يحملونهم حيث شاؤوا على الناس، فيجبرونهم بما شاؤوا. قرأ ابن كثير، وابن عامر، والكسائي، في إحدى الروايتين: المسيطرون بالسين. والباقون: بالصاد. وقرأ حمزة: المزيطرون بإشمام الزاء. وقال الزجاج: تسيطر علينا، وتصيطر. وأصله السين، وكل سين بعدها طاء، يجوز أن تقلب صاداً، مثل مسيطر، ويبسط.
ثم قالوا: أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يعني: سبباً إلى السماء يَسْتَمِعُونَ فِيهِ يعني: يرتقون عليه، فيستمعون القول من رب العالمين فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أي: بحجة بينة.
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٣٩ الى ٤٩]
أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٣)
وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (٤٧) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨)
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (٤٩)

صفحة رقم 355

ثم قال عز وجل: أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ.
ثم بيّن جهلهم، وقلة أحلامهم، أنهم يجعلون لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ لأنفسهم.
قال عز وجل: أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً ومعناه: أن الحجة واجبة عليهم من كل وجه، لأنك قد أتيتهم بالبيان والبرهان، ولم تسألهم على ذلك أجرا. فقال: أَمْ تَسْأَلُهُمْ يعني: أتطلب منهم أَجْراً بما تعلمهم من الأحكام، والشرائع. فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ يعني: من أجل المغرم، يمتنعون عن الإيمان. يعني: لا حجة لهم في الامتناع، لأنك لا تسأل منهم أجراً، فيثقل عليهم لأجل الأجر.
قوله عز وجل: أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ يعني: عندهم الغيب بأن الله لا يبعثهم فَهُمْ يَكْتُبُونَ يعني: أمعهم كتاب يكتبون بما شاؤوا؟ يعني: ما في اللوح المحفوظ، فهذا كله لفظ الاستفهام، والمراد به: الزجر.
ثم قال عز وجل: أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً بل يريدون وعيدا بالنبي صلّى الله عليه وسلم فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ يعني: بل هم المعذبون، الهالكون.
قوله عز وجل: أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يعني: ألهم خالق غير الله يخلق، ويرزق، ويمنعهم من عذابنا سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ يعني: تنزيها لله تعالى عما يصفون من الشريك، والولد.
ثم ذكر قسوة قلوبهم فقال: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يعني: جانباً من السماء ساقطاً عليهم يَقُولُوا يعني: لقالوا من تكذيبهم سَحابٌ مَرْكُومٌ يعني: متراكماً بعضه على بعض، لأنهم كانوا يقولون: لا نؤمن بك حتى تسقط علينا كسفاً.
ثم قال الله تعالى: لو فعلنا ذلك، لم يؤمنوا، ولا ينفعهم من قسوة قلوبهم.
ثم قال: فَذَرْهُمْ يعني: فتخل عنهم يا محمد حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ يعني: يعاينوا يومهم الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ يعني: يموتون. ويقال: يعذبون. قرأ عاصم، وابن عامر، يُصْعَقُونَ بضم الياء والباقون. يُصْعَقُونَ بنصب الياء، وكلاهما واحد، وهما لغتان.
ثم وصف حالهم في ذلك اليوم فقال: يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً يعني:
لا ينفعهم صنيعهم شيئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ يعني: لا يمنعون مما نزل بهم من العذاب.
ثم قال عز وجل: وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ يعني: من قبل عذاب النار قد روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: عذاب القبر وقال معمر عن قتادة: قال: عذاب القبر في القرآن.

صفحة رقم 356

ثم قرأ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ ويقال عَذاباً دُونَ ذلِكَ يعني: القتل.
ويقال: الشدائد، والعقوبات في الدنيا. وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ يعني: لا يصدقون بالعذاب.
ثم عزى نبيه صلّى الله عليه وسلم ليصبر على أذاهم فقال: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ يعني: لما أمرك ربك، ونهاك عنه. ويقال: واصبر على تكذيبهم، وأذاهم. فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا يعني: فإنك بمنظر منا، والله تعالى يرى أحوالك، ولا يخفى عليه شيء. وقال الزجاج: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا بمعنى فإنك بحيث نراك، ونحفظك، ولا يصلون إلى مكرك. ويقال: نرى ما يصنع بك. وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ يعني: صل بأمر ربك قبل طلوع الشمس. يعني: صلاة الفجر وقبل الغروب. يعني: صلاة العصر. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ يعني: صل صلاة المغرب والعشاء ويقال: حين تقوم صلاة الفجر، والظهر، والعصر. ومعناه: صل صلاة النهار، وصلاة الليل.
ويقال: سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ يعني: قل سبحانك اللهم وبحمدك إذا قمت إلى الصلاة وهذا قول ربيع بن أنس.
وَإِدْبارَ النُّجُومِ يعني: ركعتي الفجر. وروى سعيد بن جبير، عن زاذان، عن عمر رضي الله عنه: لا صلاة بعد طلوع الفجر، إلا ركعتي الفجر، وهما إدبار النجوم. وروى أبو إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه قال: أَدْبارَ السُّجُودِ الركعتان بعد المغرب، وَإِدْبارَ النُّجُومِ الركعتان قبل الفجر. وروى وكيع عن ابن عباس أنه قال: بت ذات ليلة عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فصلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصلاة. فقال ابن عباس:
الركعتان اللتان قبل الفجر، إِدْبارَ النُّجُومِ واللاتي بعد المغرب أَدْبارَ السُّجُودِ وفي الآية، دليل على أن تأخير صلاة الفجر أفضل، لأنه أمر بركعتي الفجر بعد ما أدبرت النجوم، وإنما أدبرت النجوم بعد ما أسفر، والله سبحانه وتعالى أعلم.

صفحة رقم 357
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية