آيات من القرآن الكريم

وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ
ﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ

سَواءٌ عَلَيْكُمْ خبر مبتدأ محذوف دل عليه اصبروا أو لا تصبروا وسوآء وان كان بمعنى مستو لكنه في الأصل مصدر بمعنى الاستواء والمعنى سوآء عليكم الأمران أجزعتم أم صبرتم فى عدم النفع لا بدفع العذاب ولا بتخفيفه إذ لا بد أن يكون الصبر حين ينفع وذلك في الدنيا لا غير فمن صبر هنا على الطاعات لم يجزع هناك إذ الصبر وان كان مرا بصلا لكن آخره حلو عسل إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ تعليل للاستوآء فان الجزاء على كفرهم وأعمالهم القبيحة حيث كان واجب الوقوع حتما بحسب الوعيد لامتناع الكذب على الله كان الصبر وعدمه سوآء في عدم النفع وفي التأويلات النجمية انما تجزون ما كنتم تعملون في الدنيا من الخير والشر لا الذي تعملون في الآخرة من الصبر والخضوع والخشوع والتضرع والدعاء فانه لا ينفع شيء منها والحاصل أن يقال اخسأوا فيها ولا تكلمون انتهى ثم النار ناران النار الصورية لاهل الشرك الجلى ومن لحق بهم من العصاة والنار المعنوية لاهل الشرك الخفي ومن اتصل بهم من اهل الحجاب فويل لكل من الطائفتين يوم يظفر الطالب بالمطلوب ويصل المحب الى المحبوب من عذاب جهنم وعذاب العبد والقطيعة والحرمان من السعادة العظمى والرتبة العليا فليحذر العاقل من الخوض في الدنيا واللعب بها فان الغفلة عن خالق البريات توقد نيران الحسرات وفي الآية اشارة الى مرتبة الخوف كما ان الآية التي تليها اشارة الى مرتبة الرجاء فان الامن والقنوط كفر زيرا كه أمن از عاجزان بود واعتقاد عجز در الله كفرست وقنوط از لئيمان بود واعتقاد لؤم در الله كفرست چراغى كه درو روغن نباشد روشنايى ندهد و چون روغن باشد وآتش نباشد ضيا ندهد پس خوف بر مثال آتش است ورجاء بر مثال روغن وايمان بر مثال فتيله ودل بر شكل چراغ دان چون خوف ورجا مجتمع كشت چراغى حاصل آمد كه در وى هم روغن است كه مدد بقاست هم آتش است كه ماده ضياست آنكه ايمان از ميان هر دو مدد ميكيرد از يكى ببقا واز يكى بضيا ومؤمن ببدرقه ضيا راه ميرود وبمدد بقا قدم مى زند والله ولى التوفيق إِنَّ الْمُتَّقِينَ عن الكفر والمعاصي فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ النعيم الخفض والدعة والتنعم الترفه والاسم النعمة بالفتح قال الراغب النعيم النعمة الكثيرة وتنعم تناول ما فيه النعمة وطيب العيش ونعمه تنعيما جعله في نعمة اى لين عيش وفي البحر التنعم استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات والمعنى في جنات ونعيم اى في اية جنات واى نعيم بمعنى الكامل في الصفة على ان التنوين للتفخيم او في جنات ونعيم مخصوصة بالمتقين على انه للتنويع والجنة مع كونها أشرف المواضع قد يتوهم ان من يدخلها انما يدخلها ليعمل فيها ويصلحها ويحفظها لصاحبها كما هو شأن ناطور الكرم اى مصلحه وحافظه كما قال في القاموس الناطور اى بالطاء المهملة حافظ الكرم والنخل أعجمي انتهى فلما قال ونعيم أفاد أنهم فيها متنعمون كما هو شأن المتفرج بالبستان لا كالناطور والعمال فاكِهِينَ ناعمين متلذذين وبالفارسية شادمان ولذات يابندكان وفي القاموس الفاكة صاحب الفاكهة وطيب النفس الضحوك والناعم الحسن العيش كما ان الناعمة والمنعمة الحسنة العيشة بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ از كرامتهاى جاودانى وفي فتح الرحمن من انعامه ورضاه عنهم وذلك ان المتنعم قد يستغرق في النعم الظاهرة وقلبه مشغول بأمر ما فلما قال

صفحة رقم 190

دائم ثابت مقيم ان احسن ففى الجنة مؤيد او ان أساء ففى النار مخلدا لائن في الدنيا دوام الأعمال بدوام الأعيان فان العرض لا يبقى الا في جوهر ولا يوجد الا فيه وفي الآخرة دوام الأعيان بدوام الأعمال فان الله يبقى أعمالهم لكونها عند الله من الباقيات الصالحات وما عند الله باق والباقي من الأعيان يبقى ببقاء عمله قال في الإرشاد وهذا المعنى انسب بالمقام فان الدوام يقتضى عدم المفارقة بين المرء وعمله ومن ضرورته أن لا ينقص من ثواب الآباء شيء فالجملة تعليل لما قبلها انتهى وَأَمْدَدْناهُمْ اصل المد الجر واكثر ما جاء الامداد في المحبوب والمد في المكروه والامداد بالفارسية مدد كردن ومدد دادن وفي القاموس الامداد تأخير الاجل وان تنصر الأجناد بجماعة غيرك والإعطاء والاغاثة بِفاكِهَةٍ هى الثمار كلها وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ وان لم يصر حوا بطلبه والمعنى وزدناهم على ما كان من مبادى التنعم وقتا فوقتا مما يشتهون من فنون النعماء وضروب الآلاء وذلك انه تعالى لما قال وما ألتناهم ونفى النقصان يصدق بايصال المساوى دفع هذا الاحتمال بقوله وأمددناهم اى ليس عدم النقصان بالاقتصار على المساوى بل بالزيادة على ثواب أعمالهم والامداد وتنوين فاكهة للتكثير اى بفاكهة لا تنقطع كلما أكلوا ثمرة عاد مكانها مثلها وما في ما يشتهون للعموم لانواع اللحمان وفي الحبر انك لتشتهى الطير في الجنة فيخربين يديك مشويا وقيل يقع الطائر بين يدى الرجل فى الجنة فيأكل منه قديدا ومشويا ثم يطير الى النهر يَتَنازَعُونَ فِيها نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس من كبدها والتنازع والمنازعة المجاذبة ويعبر بها عن المخاصمة والمجادلة والمراد بالتنازع هنا التعاطي والتداول على طريق التجاذب يعنى تجاذب الملاعبة لفرط السرور والمحبة وفيه نوع لذة إذ لا يتصور في الجنة التنازع بمعنى التخاصم والمعنى يتعاطون فى الجنات ويتداولون هم وجلساؤهم بكمال رغبة واشتياق كما ينبئ عنه التعبير بالتنازع وبالفارسية با يكديكر داد وستد كنند در بهشت يعنى بهم دهند واز هم ستانند كَأْساً كاسه مملو از خمر بهشت والكأس قدح فيه شراب ولا يسمى كأسا ما لم يكن فيه شراب كما لا تسمى مائدة ما لم يكن عليها طعام والمعنى كأسا اى خمرا تسمية لها باسم محلها ولما كانت الكأس مؤنثة مهموزة انث الضمير في قوله لا لَغْوٌ فِيها اى في شربها حيث لا يتكلمون فى أثناء الشرب بلغوا الحديث وسقط الكلام قال ابن عطاء اى لغو يكون في مجلس محله جنة عدن والساقي فيها الملائكة وشربهم ذكر الله وريحانهم تحية من عند الله مباركة طيبة والقوم أضياف الله قال الراغب اللغو من الكلام مالا يعتد به وهو الذي يورد لاعن روية وفكر فيجرى مجرا اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور وَلا تَأْثِيمٌ ولا يفعلون ما يأثم به فاعله اى ينسب الى الإثم لو فعله في دار التكليف من الكذب والسب والفواحش كما هو ديدن المنادمين في الدنيا وانما يتكلمون بالحكم وأحاسن الكلام ويفعلون ما يفعله الكرام لان عقولهم ثابتة غير زائلة وذلك كسكارى المعرفة في الدنيا فانهم انما يتكلمون بالمعارف والحقائق قال البقلى وصفهم الله في شربهم لكاسات شراب وصله بالمنازعة والشوق الى مزيد القرب ثم وصف شرابهم انه يورثهم التمكين والاستقامة في السكر لا يؤول حالهم الى الشطح والعربدة وما

صفحة رقم 195
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية