اى ضاع زماننا ومضى بلا فائدة وَالسَّماءَ بَنَيْناها نصب السماء على الاشتغال اى وبنينا السماء بنيناها حال كوننا ملتبسين بِأَيْدٍ اى بقوة فهو حال من الفاعل او ملتبسة بقوة فيكون حالا من المفعول ويجوز ان تكون الباء للسببية اى بسبب قدرتنا فتتعلق ببنيناها لا بالمحذوف والقوة هنا بمعنى القدرة فان القوة عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف والله تعالى منزه عن ذلك والقدرة هى الصفة التي بها يتمكن الحي من الفعل وتركه بالارادة (قال الكاشفى) بقوت الوهيت وكفته اند بقدرتي بر آفرينش داشتيم يقال آد يئيد أيدا اى اشتد وقوى قال في القاموس الآد الصلب والقوة كألايد وآيدته مؤايدة وأيدته تأييدا فهو مؤيد قويته انتهى قال الراغب ولما في اليد من القوة قيل انا يدك وأيدتك قويت يدك وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ لقادرون من الوسع بمعنى الطاقة والموسع القادر على الاتفاق قال في تاج المصادر الايساع توانكر شدن وتمام فراسيدن ويقال أوسع الله عليك اى أغناك انتهى فيكون قوله وانا لموسعون حالا مؤكدة او تذييلا اثباتا لسعة قدرته كل شيء فضلا عن السماء او لموسعون السماء اى جاعلوها واسعة او ما بينها وبين الأرض او الرزق على خلقنا لقوله تعالى وفي السماء رزقكم وفيه اشارة الى ان وسعة البيت والرزق من تجليات الاسم الواسع وَالْأَرْضَ اى وفرشنا الأرض فَرَشْناها مهدناها وبسطناها من تحت الكعبة مسيرة خمسمائة عام ليستقروا عليها ويتقلبوا كما يتقلب أحدهم على فراشه ومهاده فَنِعْمَ الْماهِدُونَ اى نحن وهو المخصوص بالمدح المحذوف اى هم نحن فحذف المبتدأ والخبر من غير أن يقوم شيء مقامهما وقد اختلف القدماء في هيئة الأرض وشكلها فذكر بعضهم انها مبسوطة مستوية السطح في اربع جهات المشرق والمغرب والجنوب والشمال وزعم آخرون انها كهيئة المائدة ومنهم من زعم انها كهيئة الطبل وذكر بعضهم انها تشبه نصف الكرة كهيئة القبة وان السماء مركبة على أطرافها وزعم قوم ان الأرض مقعرة وسطها كالجام والذي عليه الجمهور ان الأرض مستديرة كالكرة وان اسماء محيطة بها من كل جانب احاطة البيضة بالمح فالصغرة بمنزلة الأرض وبياضها بمنزلة السماء وجلدها بمنزلة السماء الاخرى غير ان خلقها ليس فيه استطالة كاستطالة البيضة بل هى مستديرة كاستدارة الكرة المستوية الخرط حتى قال مهندسوهم لو حفر في الوهم وجه الأرض لادى الى الوجه الآخر ولو ثقب مثلا ثقب بأرض الأندلس لنفذ الثقب بأرض الصين واختلف في كمية عدد الأرضين فروى في بعض الاخبار ان بعضها فوق بعض وغلظ كل ارض مسيرة خمسمائة عام حتى عد بعضهم لكل ارض أهلا على صفة وهيئة عجبة وسمى كل ارض باسم خاص كما سمى كل سماء باسم خاص وزعم بعضهم ان في الأرض الرابعة حيات اهل النار وفي الأرض السادسة حجارة اهل النار وعن عطاء بن يسار في قوله تعالى خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن قال في كل ارض آدم كآدمكم ونوح مثل نوحكم وابراهيم مثل ابراهيمكم وليس هذا القول بأعجب من قوله الفلاسفة ان الشموس شموس كثيرة والأقمار أقمار كثيرة ففى كل إقليم شمس وقمر ونجوم وقالت القدماء الأرض
صفحة رقم 171
اى من الجعل المنهي عنه نَذِيرٌ مُبِينٌ وفيه تأكيد لما قبله من الفرار من العقاب اليه تعالى لكن لا بطريق التكرير بل بالنهى عن سببه وإيجاب الفرار منه قال في برهان القرآن الاول متعلق بترك الطاعة والثاني متعلق بالشرك بالله فلا تكرار وفي التأويلات النجمية ولا تجعلوا مع الله في المعرفة بوحدانيته الها آخر من النفوس والهوى والدنيا والآخرة فتعبدونها بالميل إليها والرغبة فيها فان التوحيد في الاعراض عنها وقطع تعلقاتها والفرار الى الله منها لان من صح فراره الى الله صح قراره مع الله وهذا كمال التوحيد انى لكم نذير مبين أخوفكم اليم عقوبة البعد وعذاب الاثنينية إذا أشركتم به في الوجود فانه لا يغفر ان يشرك به كَذلِكَ اى الأمر وهو امر الأمم السالفة بالنسبة الى رسلهم من ما ذكر من تكذيب قريش ومشركى العرب الرسول صلّى الله عليه وسلّم وتسميتهم له ساحرا او مجنونا ثم فسره بقوله ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ من رسول الله إِلَّا قالُوا فى حقه هو ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ يعنى اگر معجزه بديشان نمود عمل او را سحر خواندند واگر از بعث وحشر خبر داد قول او را بسخن اهل جنون تشبيه كردند اى فلا تأس على تكذيب قومك إياك أَتَواصَوْا بِهِ انكار وتعجيب من حالهم وإجماعهم على تفرق أزمانهم على تلك الكلمة الشنيعة التي لا تكاد تخطر ببال أحد من العقلاء فضلا عن التفوه بها في حق الأنبياء اى اوصى الأولون الآخرين بعضهم بعضا بهذا القول حتى اتفقوا عليه بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ إضراب عن كون مدار اتفاقهم على الشر تواصيهم بذلك لبعد الزمان وعدم تلاقيهم في وقت واحد واثبات لكونه امرا أقبح من التواصي واشنع منه وهو الطغيان الشامل للكل الدال على ان صدور تلك الكلمة الشنيعة عن كل واحد منهم بمتقضى جبلته الخبيثة لا بموجب وصية من قبلهم بذلك من غير أن يكون ذلك مقتضى طباعهم وفيه اشارة الى ان ارباب النفوس المتمردة من الأولين والآخرين مركوزة في جبلتهم طبيعة الشيطنة من التمرد والآباء والاستكبار فما أتاهم رسول من الأنبياء في الظاهر او من الإلهامات الربانية في الباطن الا أنكروا عليه وقالوا ساحر يريد أن يسحرنا او مجنون لا عبرة بقوله كأن بعضهم اوصى بعضهم بالتمرد والإنكار والجحود لانهم خلقوا على طبيعة واحدة بل هم قوم طاغون بأنهم وجدوا اسباب الطغيان من السعة والتنعم والبطر والغنى قال الشاعر
ان الشباب والفراغ والجده
مفسدة للمراء اى مفسده
فعكسوا الأمر وكان ينبغى لهم ان يصرفوا العمر والشباب والغنى في تحصيل المطلوب الحقيقي (قال كما الحافظ)
عشق وشباب ورندى مجموعه مرادست
چون جمع شد معانى كوى بيان توان زد
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فأعرض عن جدالهم فقد كررت عليهم الدعوة فأبوا الا الإباء والاستكبار وبالفارسية پس روى بگردان از مكافات ايشان تا وقتى كه مأمور شوى بقتال وفي فتح الرحمن فتول عن الحرص المفرط عليهم وذهاب النفس حسرات وقال الواسطي ردهم الى ما سبق عليهم في الأزل من السعادة والشقاوة فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ على التولي بعد ما
صفحة رقم 174