
وإن شئت: أهلكناهم، وأهلكنا قومَ نوح. ووجه آخرُ «١» ليسَ بأبغَضَ إليَّ «٢» من هذين الوجهين: أن تُضمر فعلا- واذكر لهم قوم نوح، كما قَالَ عزَّ وجلَّ «وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ «٣» » «وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ «٤» » فِي كَثِير من القرآن معناه: أنبئهم واذكر لهم الأنبياء وأخبارهم.
وقوله عزَّ وجلَّ: بِأَيْدٍ (٤٧) بقوّة.
وقوله عز وجل: وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧). أي إنا لذو وسَعَةٍ لخَلْقِنا. وكذلك قوله جل ذكره: «عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ» «٥».
وقوله تبارك وتعالى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ (٤٩).
الزَّوجان من جميع الحيوانِ: الذكَرُ والُأنثى، ومِن سوى ذَلِكَ: اختلافُ ألوان النبات، وطُعومِ الثمار، وبعضٌ حلوٌ، وبعضٌ حامضٌ، فذانِك زوجان.
وقوله تبارك وتعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ (٥٠).
معناه: فرُّوا «٦» إِلَيْه إلى طاعتهِ من معصيته.
وقوله تبارك وتعالى أَتَواصَوْا بِهِ (٥٣).
معناه: أتواصى به [٥٥/ ب] أهلُ مكةَ، وَالُأمم الماضيةُ، إذْ قَالُوا لَكَ كما قَالَتِ «٧» الأمَمُ لرُسلها.
وقوله تبارك وتعالى: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦).
إلا ليوحِّدوني، وَهذه «٨» خاصّةُ يقولُ: وَما خلقت أهلَ السعادةِ من الفريقين إلا ليُوحِّدُوني.
وَقال بعضُهم: خلقَهم ليفعلوا فَفَعل بعضُهم وَترك بعضٌ، وَليس فِيهِ لأهلِ الْقَدَرِ حُجَّةٌ، وَقد فُسِّرَ.
وقوله تبارك وتعالى: مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ (٥٧).
(٣) سورة العنكبوت، الآية ١٦.
(٤) سورة الأنبياء، الآية ٧٦.
(٥) سورة البقرة: ٢٣٦.
(٦) فى ش: ففروا.
(٧) فى ب: قالته.
(٨) فى ش: وفى هذه.

يَقُولُ: ما أريدُ منهم أن يرزقوا أنفسهم، «وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ» (٥٧) أن يطعموا أحدًا من خلقي «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» (٥٨).
قَرَأَ يَحيى بْن وَثاب (المتين) بالخفض جعله من نعتِ- القوةِ، وَإن كانت أُنثى فِي اللفظ، فإنَّهُ ذهب إلى الحبل وَإلى الشيء المْفتولِ.
أنشدني بعض العربِ:
لكل دَهْرٍ قَدْ لبست أثوبا | من ريطة واليمنة المعصّبا «١» |
وقرأ «٢» النَّاس- (المتينُ) رفعٌ من صِفَةِ الله تبارك وتعالى.
وقوله [٥٦/ ا] عز وجل: فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً (٥٩).
والذنوب فِي كلام العرب: الدَّلْوُ العظيمة «٣» وَلكن العربَ تذهَبُ بها إلى النَّصِيب وَالحظِّ.
وَبذلِكَ أتى التفسيرُ: فإنَّ للذين ظَلموا حظًّا من العذابِ، كما نزَلَ بالذين من قبلهم، وقال الشاعرُ:
لنَا ذَنوبٌ وَلكمْ ذَنوبُ | فإنْ أبيتمْ فلنا القليب «٤» |
لكل دهر قد لبست أثؤبا | حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا |
(٢) فى ح: قرأ.
(٣) فى ش: العظيم.
(٤) انظر البحر المحيط ٨/ ١٣٢، والقليب: البئر.