
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن كل شَيْء خلقنَا زَوْجَيْنِ﴾ أَي: صنفين. وَيُقَال: مَعْنَاهُ زَوْجَيْنِ زَوْجَيْنِ، وَذَلِكَ مثل: السَّمَاء وَالْأَرْض، وَاللَّيْل وَالنَّهَار، والنور والظلمة، وَالذكر وَالْأُنْثَى، وَالْبر وَالْبَحْر، وَعَن مُجَاهِد قَالَ: الْكفْر وَالْإِيمَان، والشقاوة والسعادة، وَالْهدى والضلالة. وَعَن الْكَلْبِيّ قَالَ: السَّمَاء وَالْأَرْض زوج، وَاللَّيْل وَالنَّهَار زوج، وَالشَّمْس وَالْقَمَر زوج، وعد بِهِ أَشْيَاء من ذَلِك، ثمَّ قَالَ: وَالله هُوَ الْوتر. وروى حُذَيْفَة عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِن الله خَالق كل شَيْء، صانع وصنعته ".
وَفِي بعض الْأَخْبَار أَيْضا عَن النَّبِي مخبرا عَن الله تَعَالَى: " لَا إِلَه إِلَّا أَنا،

﴿لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ (٤٩) فَفرُّوا إِلَى الله إِنِّي لكم مِنْهُ نَذِير مُبين (٥٠) وَلَا تجْعَلُوا مَعَ الله إِلَهًا آخر إِنِّي لكم مِنْهُ نَذِير مُبين (٥١) كَذَلِك مَا أَتَى الَّذين من قبلهم من رَسُول إِلَّا قَالُوا سَاحر أَو مَجْنُون (٥٢) ﴾ خلقت الشَّرّ، وخلقت من يجْرِي على يَده الشَّرّ، فويل لمن خلقته للشر وأجريت الشَّرّ على يَده، وخلقت الْخَيْر، وخلقت من يجْرِي الْخَيْر على يَده، فطوبى لمن خلقته للخير وأجريت الْخَيْر على يَده " وَذكر النقاش فِي تَفْسِيره بِرِوَايَة سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِن الله خلق الْإِيمَان وحفه بالسماحة وَالْحيَاء، وَخلق الْكفْر وحفه بالشح والجفاء ".
وَفِي بعض الْأَخْبَار أَيْضا: أَن الله خلق الرِّفْق فَلَو رَأَيْته رَأَيْت شَيْئا حسنا، وَخلق الْخرق فَلَو رَأَيْته رَأَيْت شَيْئا قبيحا.
وَقَوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ﴾ أَي: تتعظون.