آيات من القرآن الكريم

وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ
ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ

با بدان يار كشت همسر لوط... خاندان نبوتش كم شد
سك اصحاب كهف روزى چند... پى نيكان كرفت ومردم شد
وقيل كان لوط واهل بيته الذين نجوا ثلاثة عشر وگفته اند يك كس از ان قوم بلوط ايمان آورده بود در مدت بيست سال قال العلماء يأتى النبي يوم القيامة ومعه أمته وآخر معه قومه وآخر معه رهطه وآخر معه ابنه وآخر معه رجل وآخر استتبع ولم يتبع ودعا فلم يجب وذلك لاتيانه في الوقت الشديد الظلمة وفي الآية اشارة الى ان المسلم والمؤمن متحدان صدقا وذاتا لا مفهوما والمسلم أعم من المؤمن فانه ما من مؤمن الا وهو مسلم من غير عكس والعام والخاص قد يتصادقان في مادة واحدة وقال بعضهم الايمان هو التصديق بالقلب اى إذعان الحكم المخبر وقبوله وجعله صادقا والإسلام هو الخضوع والانقياد بمعنى قبول الاحكام والإذعان وهذا حقيقة التصديق كما لا يخفى على من له ادنى عقل وتأمل وانكار ذلك مكابرة وَتَرَكْنا فِيها اى في تلك القرى آيَةً علامة دالة على ما أصابهم من العذاب هى تلك الحجارة او ماء أسود منتن خرج من ارضهم لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ اى من شأنهم أن يخافوه لسلامة فطرتهم ورقة قلوبهم دون من عداهم من ذوى القلوب القاسية فانهم لا يعتدون بها ولا يعدونها آية كما شاهدنا اكثر الحجاج حين المرور بمدائن صالح عليه السلام وكان عليه السلام يبكى حين المرور بمثل هذه المواضع وينكس رأسه ويأمر بالبكاء والتباكي ودلت الآية على كمال قدرته تعالى على إنجاء من يؤيد دينه والانتقام من أعدائه ولو بعد حين وعلى ان المعتبر في باب النجاة والحشر مع اهل الفلاح والرشاد هو حبهم وحسن اتباعهم وهو الاتصال المعنوي لا الاختلاط الصوري والا لجنت امرأة نوح ولوط وقد قال تعالى في حقهما ادخلا النار مع الداخلين فعلى العاقل باتباع الكامل والاحتراز عن اهل الفساد والقصور سيما الناقصات في العقل والدين والشهادة والميراث والنفسانية والشيطانية غالبة فيهن فاذا اقترن بمضل آخر فسدن وفي الآية اشارة الى ان القوم المجرمين المسرفين هم النفس وصفاتها الذميمة والاذكار والأوراد والمجاهدات والرياضات مهلكة للنفس وأوصافها وليس في مدينة الشخص الإنساني من المسلمين الا القلب السليم وأوصافه الحميدة فهى سالمة من الهلاك وإذا أهلكت النفس وأوصافها بما ذكر يكون تزكيتها وتهذيب أخلاقها آية وعبرة للذين يخافون العذاب الأليم بوعيد قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ثم هذه التزكية وان كان حصولها في الخارج بالأسباب والوسائط لكنها فى الحقيقة فضل من الله سبحانه والا لنالها كل من تشبث بالأسباب نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من اهل النفوس المطمئنة الراضية المرضية الصافية وَفِي مُوسى عطف على قوله وفي الأرض آيات للموقنين فقصة ابراهيم ولوط عليهما السلام معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه تسلية لرسول الله عليه السلام من تكذيبهم ووعدا له باهلاك أعدائه الأفاكين كما أهلك قوم لوط او على قوله وتركنا فيها آية على معنى وجعلنا في إرسال موسى الى فرعون وانجائه مما لحق فرعون وقومه من الغرق آية كقول من قال علفتها تبنا وماء باردا اى وسقيتها ماء

صفحة رقم 165

من عظم قدرة الله تعالى فعقله مخبوء عند الحق منعم بشهوده عاكف بحضرته متنزه في جماله فهم اصحاب عقول بلا عقول وهم في ذلك على ثلاث مراتب منهم من يكون واراده أعظم من القوة التي يكون في نفسه عليها فيحكم الوارد عليه فيغلب عليه الحال فيكون تحت تصرف الحال ولا تدبير له في نفسه مادام في ذلك الحال ومنهم من يمسك عقله هناك ويبقى عليه عقل حيوانيته فيأكل ويشرب ويتصرف من غير تدبير ولا روية ويسمى هذا من عقلاء المجانين لتناوله العيش الطبيعي كسائر الحيوانات ومنهم من لا يدوم له حكم الوارد فيزول عنه الحال فيرجع الى الناس بعقله فيدبر أمره ويعقل ما يقول ويقال له ويتصرف عن تدبير وروية مثل كل الإنسان وذلك هو صاحب القدم المحمدي فانه صلّى الله عليه وسلّم كان يؤخذ عن نفسه عند نزول الوحى ثم يسرى عنه فيلقى ما أوحى به اليه على الحاضرين واعلم ان المجاذيب لا يطالبون بالآداب الشرعية لذهاب عقولهم لما طرأ عليها من عظيم امر الله تعالى

هر كه كرد ار جام حق يكجرعه نوش نه ادب ماند درونه عقل وهوش
وحكمهم عند الله حكم من مات على حالة شهود ونعت استقامة وحالهم في الدنيا حكم الحيوان ينال جميع ما يطلب حكم طبيعته من أكل وشرب ونكاح من عير تقييد ولا مطالبة عليه عند الله مع وجود الكشف وبقائه عليهم كما تكشف البهائم وكل دابة حياة الميت على النعش وهو يحور ويقول قدمونى ان كان سعيدا ويقول اين تذهبون بي ان كان شقيا فذاهب العقل معدود في الأموات لذهاب عقله معدود في الاحياء بطبعه فهو من السعداء الذين رضى الله عنهم واكثر المجانين من غلبة المكاشفات والمشاهدات يعنى انهم يكاشفون الأمور الغيبية والأحوال الملكوتية ويشاهدون ما خفى عن أعين العامة وذلك من غير سبق المجاهدة منهم فبذلك يخرجون عن دائرة العقل إذ لا يتحملون الفتح الفجائى لعدم تهيئهم قبله ثم يتعسر ادخالهم في دائرة العقل الا ان أراد الله تعالى ذلك فالمقبول البقاء على العقل وأن يكون المرء غالبا على حاله لا أن يكون الحال غالبا والاول من احوال اهل النهاية والثاني من احوال اهل البدية والله الغالب على امره وَفِي عادٍ اى وفي قوم هود آيات ان كان معطوفا على وفي الأرض او وجعلنا فيهم آية على تقدير كونه معطوفا على قوله وتركنا فيها آية إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ اى على أنفسهم أصالة وعلى دورهم وأموالهم وأنعامهم تبعا الرِّيحَ الْعَقِيمَ العقم بالضم هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد كما في القاموس وصفت بالعقم لانها أهلكتهم وقطعت دابرهم فالعقيم بمعنى المعقم او العاقم وفيه استعارة تبعية شبه إهلاكهم وقطع دابرهم باعقام النساء التي لا يلدن ولا يعقبن ثم اطلق المشبه به على المشبه واشتق منه العقيم او وصفت به لانها لم تتضمن خيرا ما من إنشاء مطر او القاح شجره يعنى شبه عدم تضمنها منفعة بعقم المرأة ثم اطلق عليه فالعقيم بمعنى الفاعل من اللازم وفي بحر العلوم ولعله سماها عقيما لانها كانت سبب قطع الأرحام من أولاده بإهلاكها إياهم وقطعها دابرهم وهى من رياح العذاب والهلاك وهى النكباء على قول على رضى الله عنه وهى التي انحرفت ووقعت بين ريحين او بين الصبا والشمال وهى الدبور على قول ابن عباس رضى الله عنهما ويؤيده

صفحة رقم 167
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية