آيات من القرآن الكريم

وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ
ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ

واستقرارها في الوجود، أو أمر من عنده يفضح حال المنافقين، ويهتك سترهم، ويرد كيدهم في نحورهم وقد صدق الله وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده فيصبح أولئك المنافقون نادمين على ما أسروا وكتموا!! ويقول الذين آمنوا تعجبا وتعريضا وشماتة بهم مخاطبين اليهود، ومشيرين إلى المنافقين الذين كانوا يوالونهم، وقد بدت الأمور على غير ما كانوا يرجون:
أهؤلاء (المنافقون) الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم أيها اليهود؟ حبطت أعمالهم التي كانوا ينافقون بها من صلاة وصوم... إلخ. فأصبحوا خاسرين دنيا وأخرى.
وهذا مرض خطير ينتشر في الأمم الضعيفة المستعبدة، ترى الكثير من أبنائها الذين في قلوبهم ضعف وفي نفوسهم مرض يلجئون إلى الأعداء من الأجانب يتخذون عندهم يدا لأنهم ليسوا مؤمنين بالنصر وأن الدولة لهم.
يا قوم: اسمعوا وعوا واعتبروا. فإنما يتذكر أولوا الألباب!!
المرتدون والمحاربون لهم [سورة المائدة (٥) : الآيات ٥٤ الى ٥٦]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤) إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (٥٦)

صفحة رقم 526

المفردات:
يَرْتَدَّ الارتداد: الخروج من الإسلام والدخول في الكفر مطلقا، أو بسبب ترك ركن كالزكاة جهارا وعنادا. يُحِبُّهُمْ: يجازيهم على أعمالهم أحسن الجزاء وأتمه. وَيُحِبُّونَهُ: يخلصون له في العمل، يطيعونه في كل أمر ونهى. أَذِلَّةٍ:
جمع ذليل، بمعنى عاطفين عليهم. أَعِزَّةٍ: جمع عزيز، بمعنى أنهم متعالون عليهم.
راكِعُونَ: خاشعون وخاضعون. حِزْبَ اللَّهِ: الجماعة المجتمعة التي حزبها أمر من الأمور وألمّ بها اتجاه خاص.
روى أنه ارتد عن الدين إحدى عشرة قبيلة: ثلاث أيام النبي صلّى الله عليه وسلّم وسبع أيام أبى بكر- رضى الله عنه- وجبلة بن الأيهم أيام عمر- رضى الله عنه- فالذين ارتدوا أيام النبي صلّى الله عليه وسلّم:
(أ) بنو مدلج ورئيسهم الأسود العنسي تنبأ باليمن، وكان كاهنا وأهلكه الله على يد فيروز الديلمي.
(ب) بنو حنيفة قوم مسيلمة الكذاب، الذي تنبأ وأرسل كتابا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وفيه:
أنه شريك وأن الأرض قسمان،
فكتب له النبي صلّى الله عليه وسلّم: من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، والسلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين
، وقاتله أبو بكر- رضى الله عنه- والذي قتله وحشي قاتل حمزة.
(ج) بنو أسد وزعيمهم طلحة بن خويلد ارتد أيام النبي صلّى الله عليه وسلّم وقاتله أبو بكر في خلافته، ففر إلى الشام وأسلم وحسن إسلامه.
المرتدون أيام أبى بكر:
(١) غطفان وزعيمهم قرة بن سلمة.
(٢) فزارة قوم عيينة بن حصن.
(٣) بنو سليم قوم الفجاءة عبد ياليل.
(٤) بنو يربوع قوم مالك بن نويرة.

صفحة رقم 527

(٥) بعض بنى تميم وزعيمتهم سجاح بنت المنذر الكاهنة.
(٦) كندة قوم الأشعث بن قيس.
(٧) بنو بكر بن وائل.
وقد ارتد أيام عمر جبلة بن الأيهم من الغسانيين تنصر ولحق بالشام، وله في ذلك شعر وحوادث، وسبب ارتداده أنه كان بمكة يطوف فوطئ إزاره رجل من بنى فزارة فلطمه جبلة فهشم أنفه، فاستعدى الفزاري عليه عمر- رضى الله عنه- فحكم إما بالعفو أو القصاص، فقال جبلة:

أتقتص منى وأنا ملك وهو سوقة؟ إلخ ما هو مذكور في كتب التاريخ.
المعنى:
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه في المستقبل- والعياذ بالله- كالقبائل التي ذكرناها، فسوف يأتى الله بقوم هو أعلم بهم، قيل: هم من اليمن أو فارس، والظاهر أنهم أبو بكر والصحابة- رضوان الله عليهم أجمعين- وقد وصفهم القرآن بصفات:
أنهم يحبون الله باتباع أمره واجتناب نهيه، ويحبهم الله بعطفه وتوفيقه ورضوانه ومجازاتهم أحسن الجزاء.
وهم أذلة عاطفون على المؤمنين، مكانتهم عالية ولكنهم متواضعون يرأفون بالمؤمنين ويخفضون لهم جناح الذل من الرحمة، وعلى الكافرين أعزة، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، غلاظ شداد عليهم إذا حاربوهم، لا يقبلون الدنية في دينهم.
يجاهدون في سبيل الله وفي سبيل نصرة الحق والفضيلة والدين وإعلاء كلمته وفي سبيل خدمة الوطن وأهله، يجاهدون ببذل النفس والنفيس ولا يخافون في الحق وإظهاره لومة لائم. ولا يرجون ثوابا من أحد، ولا يخافون عذابا من أحد، بل تصدر أعمالهم بإخلاص لله ورسوله.
وفي هذا تعريض بالمنافقين في كل عصر وزمان.
وذلك فضل الله وتوفيقه وهدايته وإرشاده يؤتيه من يشاء من عباده الذين فيهم الاستعداد للخير والميل بطبعهم وفطرتهم.

صفحة رقم 528
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية