
قولًهً عًز وجل: (قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (٢٥)
أظهر موسى شرَّ ما به وبيَّن عذره في غيره وأن ذلك لقلة انقيادهم له.
إن قيل: كيف يصح أن يقول لا أملك إلا نفسي، والإنسان في الحقيقة لا يملك نفسه وأخاه، إذا الملك هو التصرف في الشيء بالبيع والشراء؟
قيل: هذا سؤال من هو بعيد عن متصرفات كلامهم، بل عن معرفة
حقائق الأشياء، فإن الإنسان إذا انقاد له قواه فيما يَسُومُها من فعل
الخير، يقال: هو مالك لنفسه وإذا امتنعت عليه قواه، يقال: هو غير
مالك لها، وليس تصرف المِلِك والمَالك على وجه واحد.
وإعراب قوله: (وَأَخِى) محتمل له أربعة أوجه: الأول الرفع عطف على

موضع (إنَّي).
الثاني: على الضمير في أملك،
الثالث: نصب على المضمر في (إنَّي)،
الرابع: نصب على قوله: (نفسِى).
وقوله: (فَافْرُقْ بَيْنَنَا) أي بين مسكننا في الدنيا.
وقيل: بين منزلينا في الآخرة، ولم يقل بيننا وبينهم
بل قال: (وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) ليكون دعاؤه أبلغ
وأقرب إلى استعمال الأدب في مخاطبة الله تعالى، ولأنه من يجوز
أن يصلح منهم بعضهم، فيجب أن لا يعين، بل يذكر
الوصف الذي هوالفسق فيتعلق به الحكم، وذكر
الفسق دون الكفر إذ