
قوله: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا﴾.
طائفتان عند البصريين / رفع بفعلهم، والتقدير: وإن اقتتل طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما.
وهما رفع بالابتداء عند الكوفيين، والخبر: اقتتلوا، وله نظائر (كثيرة في القرآن) وقد تقدم ذكرها، وسيأتي نظائرها فيما بعد إن شاء الله والمعنى: أصلحوا بينهما أيها المؤمنون بالدعاء إلى كتاب الله وسنة رسوله.
﴿فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا على الأخرى فَقَاتِلُواْ التي تَبْغِي حتى تفياء إلى أَمْرِ الله﴾.
أي: فإن أبت إحداهما الرضا بحكم الله تعالى وحكم رسوله فقاتلوا الفئة التي أبت وبغت حتى ترجع إلى أمر الله، فإن رجعت الباغية إلى حكم الله بعد قتالكم إياها،

فأصلِحوا بينها وبين الطائفة الأخرى بالإنصاف والعدل بينهما قال ابن زيد لا يقاتل الفئة الباغية إلا الولاة.
وروي أن هذه الآية نزلت في طائفتين من الأوس والخزرج اقتتلا في أمر تنازعا فيه.
وروي عن أنس أنه قال: قيل للنبي عليه السلام لو أتيت عبد الله بن أُبي، قال: فانطلق النبي ﷺ إليه وركب حماراً وانطلق معه المسلمون، فلما أتاه النبي ﷺ قال عبد الله المنافق: إليك عني، فوالله لقد آتاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار: والله لحمار رسول الله ﷺ أطيب ريحاً منك فغضب لعبد الله بن أبي رجل من قومه فرد عليه وغضب لكل واحد منهما أصحابه فكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي

والنعال فنزلت هذه الآية فيهم.
وقال السدي: كانت امرأة من الأنصار يقال: لها أم زيد تحت رجل من غيرهم فكان بينها وبين زوجها خصومة، فبلغ قومها فجاؤوا وجاء قومه، فاقتتلوا بالأيدي [وبالنعال]، فبلغ ذلك النبي ﷺ فجاء ليصلح بينهم فنزل القرآن في ذلك.
وعن قتادة أنه قال: ذكر لنا أنها نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما خصومة وكان أحدهما أكثر عشيرة من الآخر فأبى أن يحاكمه إلى النبي ﷺ فتدافعا وتقاتلا بالأيدي والنعال فنزلت الآية فيهما.