
١- مذهب سيبويه: عدم القياس.
٢- وذهب المبرد إلى قياسه فيما كان نوعا من عامله.
٣- وقاسه ابن مالك وابنه في ثلاث مسائل: أ- بعد إما ب- وبعد خبر شبه به مبتدؤه ج- وفيما إذا كان الخبر مقرونا بأل الدالّة على الكمال.
[سورة محمد (٤٧) : الآيات ٢٠ الى ٢٨]
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ (٢٠) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (٢١) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (٢٣) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤)
إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ (٢٥) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ (٢٦) فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ (٢٧) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٢٨)

الإعراب:
(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ) كلام مستأنف لبيان موقف المؤمنين الصادقين والمنافقين من الجهاد فقد سأل المؤمنون ربهم عزّ وجلّ أن ينزل على رسوله ﷺ سورة يأمرهم فيها بقتال الكفّار حرصا منهم على الجهاد ونيل ما أعدّ الله للمجاهدين من جزيل الثواب فحكى الله عنهم ذلك. ويقول فعل مضارع والذين فاعله وجملة آمنوا صلة ولولا حرف تحضيض بمعنى هلّا ونزلت فعل ماض مبني للمجهول وسورة نائب فاعل (فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ) الفاء عاطفة وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة أنزلت في محل جر بإضافة الظرف إليها وهو فعل ماض مبني للمجهول وسورة نائب فاعل ومحكمة صفة أي مبينة غير متشابهة لا تحتمل وجها إلا وجوب القتال، وعن قتادة كل سورة فيها ذكر القتال فهي محكمة لأن النسخ لا يرد عليها، وذكر عطف على أنزلت وفيها متعلقان بذكر والقتال نائب فاعل وجملة رأيت لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم والذين مفعول به وفي قلوبهم خبر مقدم ومرض مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية لا محل لها لأنها صلة الموصول وينظرون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة في محل نصب حال إن كانت الرؤية بصرية ومفعول به ثان إن كانت الرؤية قلبية وكلا الوجهين مراد في الآية وإليك متعلقان بينظرون ونظر المغشي مفعول مطلق مؤكد وعليه متعلقان بالمغشي لأنه اسم مفعول ومن الموت متعلقان بالمغشي أيضا، فأولى الفاء استئنافية وأولى لهم قال الجوهري: «تقول العرب أولى لك تهديد ووعيد ثم اختلف اللغويون والمعربون في هذه اللفظة فقال الأصمعي إنها فعل ماض بمعنى قاربه

ما يهلكه والأكثرون أنها اسم ثم اختلف هؤلاء فقيل مشتق من الولي وهو القرب وقيل من الويل، هذا ما يتعلق باشتقاقه ومعناه وأما الإعراب فإن قلنا باسميته ففيه أوجه أحدها أنه مبتدأ ولهم خبره وتقديره فالهلاك لهم واقتصر عليه أبو البقاء، والثاني أنه خبر مبتدأ مضمر تقديره العقاب أو الهلاك أولى لهم أي أقرب وأدنى، ويجوز أن تكون اللام بمعنى الباء أي أولى وأحق بهم الثالث أنه مبتدأ ولهم يتعلق به واللام بمعنى الباء وطاعة خبره والتقدير فأولى بهم طاعة دون غيرها وإن قلنا بقول الأصمعي فهو فعل ماض وفاعله مضمر يدل عليه السياق كأنه قيل فأولى هو أي الهلاك وهذا ظاهر عبارة الزمخشري حيث قال معناه الدعاء عليهم بأن يليهم الهلاك وقال المبرد يقال لمن هم بالغضب ثم أفلت أولى لك أي قاربك الغضب. وقال أبو حيان: «قال صاحب الصحاح: قول العرب أولى لك تهديد وتوعيد ومنه قول الشاعر:
فأولى ثم أولى ثم أولى | وهل للداء يحلب من يرد |
تعادى بين هاديتين منها | وأولى أن يزيد على الثلاث |
فلو كان أولى يطعم القوم صيدهم | ولكن أولى يترك القوم جوّعا |

تكلفني ليلى وقد شطّ وليّها | وعادت عواد بيننا وخطوب |

لها وأن تفسدوا خبر عسى وفي الأرض متعلقان بتفسدوا (وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) عطف على أن تفسدوا في الأرض (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) أولئك مبتدأ والذين خبره وجملة لعنهم الله صلة والفاء عاطفة وأصمّهم فعل وفاعل مستتر ومفعول به وأعمى أبصارهم عطف على فأصمّهم (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء عاطفة على مقدّر يقتضيه السياق ولا نافية ويتدبرون القرآن فعل مضارع وفاعل ومفعول به وأم منقطعة بمعنى بل والهمزة للتسجيل عليهم بأن قلوبهم مقفلة لا يتوصل إليها ذكر وعلى قلوب خبر مقدم وأقفالها مبتدأ مؤخر وجوبا وسيأتي سرّ التنكير في باب البلاغة (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ) إن حرف مشبّه بالفعل والذين اسمها وجملة ارتدوا صلة الموصول وعلى أدبارهم حال ومن بعد متعلقان بارتدّوا وما المصدرية وما في حيزها في محل جر بالإضافة إلى الظرف ولهم متعلقان بتبين والهدى فاعل والشيطان مبتدأ وجملة سوّل لهم خبر الشيطان والجملة الاسمية خبر إن ومعنى سوّل لهم سهّل لهم من السول وهو الاسترخاء وأملى لهم عطف على سوّل لهم (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) ذلك مبتدأ وبأنهم خبره وأن واسمها وجملة قالوا خبرها وللذين متعلقان بقالوا وجملة كرهوا صلة وما مفعول به وجملة نزّل الله صلة وجملة سنطيعكم مقول القول وفي بعض الأمر متعلقان بنطيعكم (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) الواو للحال والله مبتدأ وجملة يعلم إسرارهم خبر وإسرارهم مفعول به وهو بكسر الهمزة مصدر أسرّ وقرئ بفتحها جمع سر (فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) الفاء عاطفة وكيف اسم استفهام في محل رفع خبر مقدم أي كيف حالهم ويجوز أن تعرب مفعولا لفعل محذوف أي فكيف يصنعون، وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط
صفحة رقم 220
متعلق بالمبتدأ المحذوف وجملة توفتهم الملائكة في محل جر بإضافة الظرف إليها وجملة يضربون حال من الفاعل
أو من المفعول ووجوههم مفعول به وأدبارهم عطف على وجوههم (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) ذلك مبتدأ وبأنهم خبر وجملة اتبعوا خبر أن وما مفعول به وجملة أسخط الله صلة وكرهوا رضوانه عطف على جملة اتبعوا ما أسخط الله، فأحبط عطف على ما تقدم وأعمالهم مفعول به.
البلاغة:
١- في قوله تعالى «فهل عسيتم إن توليتم» إلى آخر الآية التفات من الغيبة إلى الخطاب وقد تقدم القول مطولا في الالتفات، والسرّ فيه هنا أنه جاء لتأكيد التوبيخ وتشديد التقريع وتسجيل ذلك عليهم مشافهة وخطابا، ولقائل أن يقول كيف يصحّ الاستفهام من الله تعالى وهو عالم بما كان وما يكون؟ والجواب أنه لما عهد منكم أحرياء بأن يقول لكم كل من سبر أغواركم وعرف تمريضكم ورخاوة عقدكم في الإيمان يا هؤلاء ما ترون؟ هل يتوقع منكم إذا توليتم أمور الناس ونيطت بكم شئونهم وأصبحتم حكاما هل يتوقع منكم أن تفسدوا في الأرض بالتناخر على الملك والتهالك على الدنيا والتناور والتناهب وقطع الأرحام بمقاتلة بعض الأقارب ووأد البنات وأخذ الرشاوة والعودة إلى الجاهلية الأولى.
٢- التنكير والاستعارة: وفي قوله تعالى: «أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها» التنكير في قلوب مع إضافة الأقفال إليها على طريق الاستعارة المكنية، أما التنكير فهو إما لتهويل حالها كأنه قيل على قلوب منكرة مبهم أمرها أو إما لأن المراد بها قلوب بعض منهم وهم قلوب المنافقين، أما الاستعارة فهي أنه شبّه قلوبهم بالصناديق واستعار لها