آيات من القرآن الكريم

فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ

الجحيم فحسب؛ بل المراد نفيهم العذاب كله، لكن الجحيم معظم النار، فذكره كناية عن الكل، فضلا منه، ليس باستحقاق منهم بالأعمال، على ما تقدم ذكره في غير موضع.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧) الفوز بأحد شيئين: إما الظفر بما يأمل ويرجو، فإذا ظفر بذلك يقال: فاز، وإما النجاة مما يحذر ويخاف إذا حذر أمرًا وخافه فيخلص من ذلك ويقال، فأيهما كان فهو فوز، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الْعَظِيمُ) جميع أمور الآخرة وحالها سمي: عظيمًا، من العذاب والنعيم؛ قال اللَّه - تعالى - (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ)، و (عَذَابٌ عَظِيمٌ)، و (فَوْزًا عَظِيمًا).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ... (٥٨) هذا يخرج على وجهين:
أحدهما: كأنه يقول: فإنما أنزلنا القرآن بلسانك ويسرناه للذكر؛ ليلزمهم التذكر؛ لأنه أنزله بلسانه ويسره لقومه؛ لأنه لو كان منزلا بغير لسانه، لم يكن ميسرًا لهم للذكر، وهو ما ذكر في آية أخرى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ)، أخبر أنه يسره للذكر؛ لأنه يسره باللسان، ولكن معناه ما ذكرنا: أنه أنزله بلسانه ويسره للذكر، واللَّه أعلم.
والثاني: فإنما يسرناه على لسانك كي تذكره وتحفظه بلا كتابة ولا نظر في كتاب؛ لأنه ذكر أنه كان - عليه السلام -: يحفظ سورة طويلة إذا تلا عليه جبريل - صلوات اللَّه عليه - وقد آمنه اللَّه - سبحانه وتعالى - عن النسيان بقوله - تعالى -: (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) هو يخرج على وجوه:
أحدها: لكي يلزمهم التذكر.
ويحتمل: لكي يتذكروا ما قد نسوا من حق اللَّه الذي عليهم.
أو ليتعظوا بمواعظ اللَّه تعالى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩) على وجهين:
أحدهما: ارتقب ما وعد اللَّه أن ينزل بهم من العذاب فإنهم مرتقبون هلاكك وانقطاعك ونحوه.
أو يقول: ارتقب، ولا تكافئهم، ولا تدع عليهم بالهلاك، فإنهم مرتقبون بما ألقى الشيطان في أمنيتهم بأن ملكك يزول، وأنه يعود إليهم، واللَّه أعلم.
وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (فارتقبهم إنهم مرتقبون) والارتقاب: الانتظار، واللَّه أعلم.

صفحة رقم 215
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية