آيات من القرآن الكريم

وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ۖ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ

في مصحف المدينة ومصاحف الشام، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم والجمهور: «ما تشتهي» بحذف الهاء، وكذلك وقع في أكثر المصاحف وحذفها من الصلة لطول القول حسن، وكذلك كثر في التنزيل كقوله تعالى: أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ [الفرقان: ٤١] وفي قوله: وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى [النمل: ٥٨] وغير ذلك، وفي مصحف ابن مسعود: «ما تشتهيه الأنفس وتلذه الأعين».
وقوله تعالى: أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ليس المعنى أن الأعمال أوجبت على الله إدخالهم الجنة، وإنما المعنى: أن حظوظهم منها على قدر أعمالهم، وأما نفس دخول الجنة وأن يكون من أهلها فبفضل الله وهداه.
قوله عز وجل:
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٧٤ الى ٨١]
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ (٧٤) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (٧٦) وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ (٧٧) لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٨)
أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (٧٩) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٨٠) قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١)
لما ذكر تعالى حال أهل الجنة وما يقال لهم، عقب ذلك بذكر حال الكفرة من الخلود في النار ولتتضح الأمور التي منها النذارة، والمجرمون في هذه الآية: الكفار، بدليل الخلود وما تتضمنه الألفاظ من مخاطبة مالك وغيره. والمبلس: المبعد اليائس من الخيرة، قاله قتادة وغيره.
وقرأ ابن مسعود: «وهم مبلسون» أي في جهنم.
وقوله تعالى: وَما ظَلَمْناهُمْ أي ما وضعنا العذاب فيمن لا يستحقه، ولكن هم ظلموا في أن وضعوا العبادة فيمن لا يستوجبها وضعفوا الكفر والتفريط في جنب الله تعالى.
وقرأ الجمهور: «كانوا هم الظالمين» على الفصل. وقرأ ابن مسعود: «هم الظالمون» على الابتداء والخبر، وأن تكون الجملة خبر «كان».
ثم ذكر تعالى عن أهل النار أنهم ينادون مالكا خازن النار، فيقولون على معنى الرغبة التي هي في صيغة الأمر لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ أي ليمتنا مرة حتى يتكرر عذابنا.
وقرأ النبي عليه السلام على المنبر: «يا مالك» بالكاف، وهي قراءة الجمهور. وقرأ ابن مسعود ويحيى والأعمش: «يا مال» بالترخيم، ورويت عن علي بن أبي طالب، ورواها أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والقضاء في هذه الآية بمعنى الموت، كما قال تعالى: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ [القصص: ١٥] وروي في تفسير هذه الآية عن ابن عباس أن مالكا يقيم بعد سؤالهم ألف سنة، وقال

صفحة رقم 64

نوف: مائة سنة، وقيل: ثمانين سنة. وقال عبد الله بن عمر: وأربعين سنة، ثم حينئذ يقول لهم: إِنَّكُمْ ماكِثُونَ.
وقوله: لَقَدْ جِئْناكُمْ الآية، يحتمل أن يكون من قول مالك لأهل النار، ويكون قوله: جِئْناكُمْ (على حد ما يدخل أحد جملة الرئيس كناية عن نفسه في فعل الرئيس فيقول غلبناكم وفعلنا بكم ونحو هذا، ثم ينقطع كلام مالك في قوله: كارِهُونَ ويحتمل أن يكون قوله: جِئْناكُمْ من قول الله تعالى لقريش بعقب حكاية أمر الكفار مع مالك، وفي هذا توعد وتخويف فصيح، بمعنى انظروا كيف تكون حالكم، ثم تتصل الآية على هذا بما بعدها من أمر قريش.
وقوله تعالى: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً من أمور كفرهم وتدبيرهم على عهد محمد ﷺ كما فعلوا في اجتماعهم على قتله في دار الندوة إلى غير ذلك، و: أَمْ في هذه الآية: المنقطعة.
وقوله: فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أي فإنا محكمو نصره وحمايته. والإبرام: أن تجمع خيطين ثم تفتلهما فتلا متقنا. والبريم: خيط فيه لونان.
وقوله تعالى: أَمْ يَحْسَبُونَ الآية، قال محمد بن كعب القرظي: نزلت لأن كثيرا من العرب كانوا يعتقدون أن الله تعالى لا يسمع السر، ومنه حديث الثقفي والقرشيين الذين سمعهم ابن مسعود يقولون عند الكعبة: أترى الله يسمعنا؟ فقال أحدهم: يسمع إذا جهرنا ولا يسمع إذا أخفينا الحديث، فأخبر الله تعالى في هذه الآية أنه يسمع، أي يدرك السر والنجوى، وأن رسله الحفظة من الملائكة يكتبون أعمال البشر مع ذلك، وتعد للجزاء يوم القيامة.
واختلف المفسرون في قوله تعالى: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ، فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ فقالت فرقة:
العابدون: هو من العبادة، ثم اختلفوا في معنى الآية بعد ذلك، فقال قتادة والسدي والطبري، المعنى:
قُلْ لهم إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ كما تقولون فأنا أول من يعبده على ذلك، ولكن ليس به شيء من ذلك تعالى وجل. قال الطبري: فهذا الطاف في الخطاب، ونحوه قوله: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [سبأ: ٢٤].
قال القاضي أبو محمد: وقوله تعالى: في مخاطبة الكفار: أَيْنَ شُرَكائِيَ [النحل: ٢٧، القصص: ٦٢- ٧٢، فصلت: ٤٧].
وقال مجاهد المعنى: إن كان لله ولد في قولكم فأنا أول من عبد الله وحده وكذبكم. وقال قتادة أيضا وزهير بن محمد وابن زيد: إِنْ نافية بمعنى: ما، فكأنه قال: ما كان للرحمن ولد. وهنا هو الوقف على هذا التأويل، ثم يبتدئ قوله: فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ قاله أبو حاتم. وقالت فرقة: العابدون في الآية: من عبد الرجل إذا أنف وأنكر الشيء، ومنه قول الشاعر:

متى يشأ ذو الود يصرم خليله ويعبد عليه لا محالة ظالما
ومنه حديث عثمان وعلي في المرجومة حين قال علي: وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً

صفحة رقم 65
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية