آيات من القرآن الكريم

وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ
ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ

في أمته العقوبة، أو قال ما لا يشتهي. ذُكر لنا أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أُري الذي لقيت أمته بعده، فما زال منقبضا ما انبسط ضاحكا حتى لقي الله تبارك وتعالى.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: تلا قتادة (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) فقال: ذهب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبقيت النقمة، ولم ير الله نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في أمته شيئا يكرهه حتى مضى، ولم يكن نبيّ قطّ إلا رأى العقوبة في أمته، إلا نبيكم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. قال: وذُكر لنا أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أري ما يصيب أمته بعده، فما رئي ضاحكا منبسطا حتى قبضه الله.
وقال آخرون: بل عنى به أهل الشرك من قريش، وقالوا: قد أري الله نبيه عليه الصلاة والسلام فيهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) كما انتقمنا من الأمم الماضية. (أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ) فقد أراه الله ذلك وأظهره عليه. وهذا القول الثاني أولى التأويلين في ذلك بالصواب وذلك أن ذلك في سياق خبر الله عن المشركين فلأن يكون ذلك تهديدا لهم أولى من أن يكون وعيدا لمن لم يجر له ذكر. فمعنى الكلام إذ كان ذلك كذلك: فإن نذهب بك يا محمد من بين أظهر هؤلاء المشركين، فنخرجك من بينهم (فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ)، كما فعلنا ذلك بغيرهم من الأمم المكذّبة رسلها. (أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ) يا محمد من الظفر بهم، وإعلائك عليهم (فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) أن نظهرك عليهم، ونخزيهم بيدك وأيدي المؤمنين بك.
القول في تأويل قوله تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ

صفحة رقم 609

إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (٤٤) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فتمسك يا محمد بما يأمرك به هذا القرآن الذي أوحاه إليك ربك، (إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ومنهاج سديد، وذلك هو دين الله الذي أمر به، وهو الإسلام.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) : أي الإسلام.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
وقوله: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) يقول تعالى ذكره: وإن هذا القرآن الذي أوحي إليك يا محمد الذي أمرناك أن تستمسك به لشرف لك ولقومك من قريش (وَسَوْفَ تُسْأَلُون) يقول: وسوف يسألك ربك وإياهم عما عملتم فيه، وهل عملتم بما أمركم ربكم فيه، وانتهيتم عما نهاكم عنه فيه؟.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس: قوله: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) يقول: إن القرآن شرف لك.
حدثني عمرو بن مالك، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) قال: يقول للرجل: من أنت؟ فيقول: من العرب، فيقال: من أيّ العرب؟ فيقول: من قريش.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) وهو هذا القرآن.

صفحة رقم 610
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية