آيات من القرآن الكريم

وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕ

هاهنا اكتفاء بذكرها فى المعطوف عليه اعنى سقفا عَلَيْها يَظْهَرُونَ (٣٣) اى يعلون السطوح.
وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً جمع سرير اى وجعلنا لهم سررا من فضة عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ (٣٤).
وَزُخْرُفاً اى زينة عطف على سقف او ذهبا كما فى قوله تعالى او يكون لك بيت من زخرف فهو معطوف على محل من فضة- وذلك اى تخصيص الدنيا بالكفار لكونها مبغوضة عند الله والكافر مبغوضا فيعطى المبغوض للمبغوض وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ المذكورات من سقف الفضة ومعارجها وابوابها وسررها وزخرفها لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا قرأ عاصم وحمزة وهشام «وابن جماز- ابو محمد» بخلاف عنه لمّا مشددة فان نافية ولمّا بمعنى الا والمعنى وما ذلك الا متاع الحيوة الدنيا لا بقاء لها ولا اعتداد لها عند الله والباقون بتخفيف لما فان مخففة من الثقيلة واللام فارقة وما زائدة وَالْآخِرَةُ اى الدار الاخرة متحققة عِنْدَ رَبِّكَ اى فى علمه وقضائه لِلْمُتَّقِينَ (٣٥) من الشرك والمعاصي فيه دلالة على ان العظيم هو العظيم فى الاخرة لا فى الدنيا واشعار بما لاجله لم تجعل زخارف الدنيا كلها للمؤمنين وجعل بعضها لاعداء الله وذلك انها مبغوضة لله تعالى حريّة ان تجعل كلها للكافرين لولا مخافة اجتماع الناس على الكفر ولو كانت حسنة مرضية لله تعالى لم يعط الكافر منها شيئا- عن سهل بن سعد قال قال رسول الله ﷺ لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء وفى رواية قطرة من ماء رواه الترمذي والضياء وعن المستور بن شداد أحد بنى فهر قال كنت وفى الركب الذين وقفوا مع رسول الله ﷺ على السخلة الميتة فقال رسول الله ﷺ اترون هذه هانت على أهلها حتى ألقوها فقالوا من هوانها ألقوها قال رسول الله ﷺ فالدينا أهون على الله من هذه على أهلها- رواه البغوي واخرج ابو نعيم عن داود بن هلال الضبي قال مكتوب فى صحف ابراهيم عليه السلام يا دنيا ما اهونك على الأبرار الذين تزينت لهم انى قد قدمت فى قلوبهم بغضك والصدود عنك ما خلقت أهون علىّ منك كل شأنك صغير والى الفنا تصير قضيت عليك يوم خلقتك ان لا تدومى

صفحة رقم 347

لاحد ولا يدوم لك أحد وان بخل بك صاحبك وشح عليك طوبى للابرار الذين اطلعونى عن قلوبهم على الرضاء واطلعونى من ضميرهم على الصدق والاستقامة طوبى لهم ما عندى من الجزاء إذا وفدوا الىّ من قبورهم يسعى امامهم والملائكة حافّون بهم حتى ابلغ بهم الى ما يرجون من رحمتى- وعن جابر قال قال رسول الله ﷺ الدنيا ملعونة وملعون ما فيها الا ما كان من الله عزّ وجلّ- رواه الصياء وروى ابن ماجة عن ابى هريرة والطبراني فى الأوسط بسند صحيح عن ابن مسعود مرفوعا نحوه بلفظ الا ذكر الله وما والاه او عالما او متعلما- والبزار عن ابن مسعود نحوه بلفظ الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر او ذكر الله- والطبراني فى الكبير بسند صحيح عن ابى الدرداء مرفوعا نحوه بلفظ الا ما ابتغى به وجه الله عزّ وجلّ- وعن عائشة قالت قال رسول الله ﷺ الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له ولها يجمع من لا عقل له- رواه احمد والبيهقي بسند صحيح ورواه البيهقي عن ابن مسعود موقوفا وعن ابن عمر وقال قال رسول الله ﷺ الدنيا سجن المؤمن وسنته فاذا فارق الدنيا فارق السجن والسنة- رواه احمد والطبراني والحاكم فى المستدرك وابو نعيم فى الحلية وعن ابى هريرة قال قال رسول الله ﷺ الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر- رواه احمد ومسلم فى الصحيح والترمذي وروى البيهقي والحاكم عن سلمان والبزار عن ابن عمر يعنى ان المؤمن وان كان فى نعيم فالدنيا بالنسبة الى ما أعد له فى الاخرة من الثواب سجن وسنة والكافر وان كان فى ضر وبلاء فالدنيا بالنسبة الى ما أعد له فى الاخرة من العذاب جنة والله اعلم- فان قيل روى صاحب مسند الفردوس عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال الدنيا حرام على اهل الاخرة والاخرة حرام على اهل الدنيا والدنيا والاخرة حرام على اهل الله- ما معنى ذلك قلت
ومعناه عندى والله اعلم ان حب الدنيا حرام على اهل الاخرة يعنى على المؤمنين لا الانتفاع بمتاع الدنيا حيث قال الله تعالى قل من حرّم زينة الله الّتى اخرج لعباده والطّيّبات من الرّزق قل هى للّذين أمنوا فى الحيوة الدّنيا خالصة يوم القيمة فمن ارتكب بحب الدنيا أضر بآخرته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

صفحة رقم 348

من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فاثروا ما يبقى على ما يفنى- رواه احمد والحاكم فى المستدرك بسند صحيح عن ابى موسى والاخرة يعنى حظوظ الاخرة حرام على اهل الدنيا يعنى من همه الدنيا لا غير يعنى الكفار وفيهم قال الله تعالى فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ والدنيا والآخرة يعنى حبهما حرام على اهل الله وهم الذين امتلأ قلوبهم من حب الله تعالى لا تلتفت قلوبهم الى شىء من الدنيا والاخرة غير الله سبحانه روى ان رابعة البصرية أخذت فى احدى يديها ظرفا من ماء وفى الاخرى قطعة من نار فقيل لها اين تريدين قالت أريد ان أطفأ نار جهنم واحرق الجنة كيلا يعبد الناس الله تعالى طمعا فى الجنة ولا خوفا من النار بل خالصا لوجهه تعالى- قال المجدد للالف الثاني رضى الله عنه وكان هذا مبنيّا على السكر منها بل لا بد للمؤمن ان يطمع فى الجنة لا لنفسها بل لكونها محلا لرحمة الله تعالى ويتعوذ من النار لكونها محلا بسخط الله تعالى وغصته نعوذ بالله منها- فان قيل التمتع بحطام الدنيا ما لم يكن محرما لحق الله تعالى ولا الحق العبد جائز لما ذكرنا وطلب المعاش جائز بل فريضة حيث قال رسول الله ﷺ طلب الحلال فريضة بعد الفريضة- رواه الطبراني والبيهقي عن ابن مسعود فما معنى الدنيا وحبها- قلت معنى حب الدنيا ايثارها على الاخرة والانهماك فى اكتسابها ولذاتها بحيث يغفل عن اكتساب الثواب واجتناب العذاب والحرص على جمع المال وطول الأمل وزعم الأغنياء خيرا من الفقراء وتعظيم الأغنياء فوق تعظيم الفقراء لاجل غناه لا لدفع مضرة او مكافاة احسان او لغير ذلك من غرض مشروع او ان يريد علوّا فى الأرض او فسادا- واما طلب المعاش وكسب الأموال (من رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصّلوة وإيتاء الزّكوة يخافون يوما تتقلّب فيه القلوب والابصار) للانفاق على نفسه حتى يتقوى على عبادة ربه وعلى عياله أداء لحقوقهم وللانفاق فى سبيل الله فليس بمكروه بل منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب ومنها ما هو مباح قال رسول الله ﷺ أيما رجل كسب مالا من حلال فاطعم نفسه او كساها فمن دونه من خلق الله كان له

صفحة رقم 349
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية