ما افترضت عليه وما زال عبدى المؤمن يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا مؤيدا ان دعانى أجبته وان سألنى أعطيته وما ترددت فى شىء انا فاعله ترددى فى قبض روح عبدى المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولا بدله منه وان من عبادى المؤمنين لمن يسألنى الباب من العبادة فاكفه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الغنى ولو أفقرته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا السقم ولو اصححته لأفسده ذلك انى أدبر امر عبادى بعلمي بقلوبهم انى بعبادي خبير بصير وكان يقول انس رضى الله عنه اللهم انى من عبادك المؤمنين الذين لا يصلحهم الا الغنى فلا تفقرنى برحمتك وفى التأويلات النجمية يشير الى قلب الفقير كأنه يقول انما لم ابسط ايها الفقير عليك الدنيا لما كان لى من المعلوم انى لو وسعت عليك لطغوت وسعيت فى الأرض بالفساد ويشير ايضا الى وعيد الحريص على الدنيا لينتبه من نوم الغفلة ويتحقق له ان لو بسط الله له الرزق بحسب الطلب لكان سبب بغيه وطغيانه وفساد حاله ولتسكن نائرة حرصه على الدنيا ثم قال بطريق الاستدراك ان لم أوسع عليك الرزق لصلاح حالك لم امنع عنك الكل ولكن ينزل بقدر ما يشاء لعلمه بصلاح ذلك وهو قوله انه بعباده خبير بصير روى ان اهل الصفة رضى الله عنهم تمنو الغنى فنزلت يعنى اصحاب صفه كه بفقر فاقه ميكذرانيدند روزى در خاطر ايشان كذشت كه چهـ باشد كه ما توانكر شويم ومال خود بفلان وفلان چيز صرف كنيم اين آيت آمد قال خباب بن الأرض رضى الله عنه فينا نزلت هذه الآية وذلك انا نظرنا الى اموال بنى قريظة والنضير وبنى قينقاع فتمنيناها فانزل الله تعالى الآية قال سعدى المفتى وفيه أن الآية حينئذ مدنية فكان ينبغى ان يستثنى وقيل نزلت فى العرب كانوا إذا اخصبوا تحاربوا وإذا اجدبوا اى أصابهم الجدب والقحط انتجعوا اى طلبو الماء والكلاء وتضرعوا وفى ذلك يقول الشاعر
قوم إذا نبت الربيع بأرضهم
نبتت عداوتهم مع البقل
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ اى المطر الذي يغيث الناس من الجدب ولذالك خص بالنافع منه فان المطر قد يضر وقد لا يكون فى وقته قال الراغب الغيث يقال فى المطر والغوث فى النصرة مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا اى يئسوا منه وتقييد تنزيله بذلك مع تحققه بدونه ايضا لتذكير كمال النعمة فان حصول النعمة بعد اليأس والبلية أوجب لكمال الفرح فيكون ادعى الى الشكر وَيَنْشُرُ و پراكنده كند رَحْمَتَهُ اى بركات الغيث ومنافعه فى كل شىء من السهل والجبل والنبات والحيوان وفى فتح الرحمن وينشر رحمته وهى الشمس وذلك تعديد نعمة غير الاولى وذلك أن المطر إذا جاء بعد القنوط حسن موقعه فاذا ادام سئم وتجيىء الشمس بعده عظيمة الوقع وَهُوَ الْوَلِيُّ المالك السيد الذي يتولى عباده بالإحسان ونشر الرحمة (قال الكاشفى) واوست دوست مؤمنان وسازنده كار ايشان بفرستادن باران ونشر رحمت واحسان
صفحة رقم 319
تو از فشاندن تخم اميد دست مدار
كه در كرم نكند ابر نوبهار إمساك
الْحَمِيدُ المستحق للحمد على ذلك وغيره لا غيره وقال بعضهم وهو الولي اى مولى المطر ومتصرفه يرسله مرة بعد مرة الحميد اى الأهل لأن يحمد على صنعه إذ لا قبح فيه لأنه بالحكمة ودل الغيث على الاحتياج وعند الاحتياج تتقوى العزيمة والله تعالى يجيب دعوة المضطر وقيل لعمر رضى الله عنه اشتد القحط وقنط الناس فقال مطروا اذن وأراد هذه الآية (وفى المثنوى)
تا فرود آيد بلاي دافعى
چون نباشد إذ تضرع شافعى
تا سقاهم ربهم آيد خطاب
تشنه باش الله اعلم بالصواب
وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحرا ينزل منه أرزاق الحيوانات يوحى الله اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء حتى ينتهى الى سماء الدنيا ويوحى الى السماء ان غربليه فتغربله فليس من قطرة تقطر الا ومعها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة الا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان من يوم الطوفان من ماء فانه نزل بغير كيل ووزن وروى أن الملائكة يعرفون عدد المطر ومقداره فى كل عام لأنه لا يختلف فيه البلاد وفى الحديث ما من سنة بامطر من اخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافي والبحار وفى الحديث القدسي لو أن عبادى أطاعوني سقيتهم المطر بالليل واطلعت الشمس عليهم بالنهار وما اسمعتهم صوت الرعد قال سفيان رحمه الله ليس الخائف من عصر عينيه وبكى انما الخائف من ترك الأمر الذي يخاف منه وروى مرفوعا ما من ساعة من ليل ولا نهار الا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء وفيه اشارة الى دوام فيضه تعالى ظاهرا وباطنا والا لانتقل الوجود الى العدم وفى الآية اشارة الى أن العبد إذا ذبل غصن وقته وتكدر صفو ورده وكسف شمس أنسه وبعد بالحضرة وساحات القرب عهده فربما ينظر الحق بنظر رحمته فينزل على سره امطار الرحمة ويعود عوده طريا وينبت من مشاهد أنسه وردا جنيا وفى عرائس البيان يكشف الله لهم أنوار جماله بعد ان ايسوا من وجدانهم فى مقام القبض وينشر عليهم لطائف بسط القرب لأن وليهم وحبيبهم محمود بلسان افتقارهم قال ابن عطا ان الله تعالى يربى عباده بين طمع ويأس فاذا طمعوا فيه أيأسهم بصفاتهم وإذا ايسوا أطمعهم بصفاته وإذا غلب على العبد القنوط وعلم العبد ذلك واشفق منه أتاه من الله الفرج ألا تراه يقول وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا معناه ينزل غيث رحمته على قلوب أوليائه فينبت فيها التوبة والانابة والمراقبة والرعاية ابر جود باران وجود ريزد سحاب إفضال در اقبال فشاند كل وصال در باغ نوال شكفته كردد آخر كار باول كار باز شود يقول الفقير لا شك أن القبض والبسط يتعاقبان وان الإنسان لا يضحك دائما ولا يبكى دائما ومن أعاجيب ما وقع لى فى هذا الباب هو انه أغار العرب على الحجاج فى طريق الشام فى سنة الألفات الاربعة وكنت إذ ذاك معهم فتجردت باختياري عن جميع ما معى غير القميص والسراويل ومشيت على وجهى فقيل لى فى باطني على يمينك فأخذت
صفحة رقم 320
الأجساد من القبور الى المحشر يوم النشور وخاص وهو خروج الأرواح الاخروية من قبور الأجسام الدنيوية بالسير والسلوك فى حال حياتهم الى عالم الروحانية يحرق الحجب الظلمانية وأخص وهو خروج الاسرار من قبور الروحانية الى عالم الهوية بقطع الحجب النورانية فعند ذلك يرجع الإنسان الى أصله رجوعا اختياريا مرضيا ليس فيه شائبة غضب أصلا ونعم الرجوع والقدوم وهو قدوم الحبيب على الحبيب والخلوة معه
خلوت كزيده را بتماشا چهـ حاجتست
چون روى دوست هست بصحرا چهـ حاجتست
ولا يمكن الخروج من النفس الا بالله وكان السلف يجهدون فى إصلاح نفوسهم وكسر مقتضاها وقمع هواها (حكى) ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه مر وعلى ظهره قربة ماء فقيل له فى ذلك فقال ليس لى حاجة الى الماء وانما أردت به كسر نفسى لما حصل لها من إطاعة ملوك الأطراف ومجىء الوفود فكما انه لا بعث الى المحشر الا بعد فناء ظاهر الوجود فكذا لا حشر الى الله الا بعد فناء باطنه نسأل الله سبحانه ان يوصلنا الى جنابه وَما أَصابَكُمْ وهر چهـ شما را رسدا اى مؤمنان فما شرطية وقال بعضهم موصول مبتدأ دخلت الفاء فى خبره لئضمنه معنى الشرط اى الذي وصل إليكم ايها الناس مِنْ مُصِيبَةٍ اى مصيبة كانت من الآلام والأسقام والقحط والخوف حتى خدش العود وعثرة القدم واختلاج العرق وغير ذلك فى البدن او فى المال او فى الأهل والعيال ويدخل فيها الحدود على المعاصي كما انه يدخل فى قوله ويعفوا عن كثير ما لم يجعل له حد فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ اى فهو بسبب معاصيكم التي اكتسبتموها فان ذكر الأيدي لكون اكثر الأعمال مما يزاول بها فكل نكد لاحق انما هو بسبب ذنب سابق أقله التقصير (وفى المثنوى)
هر چهـ بر تو آيد از ظلمات غم
آن ز بى باكى وگ ستاخيست هم
وفى الحديث لا يرد القدر الا بالدعاء ولا يزيد فى العمر الا البر وان الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه قوله لا يرد إلخ لان من جملة القضاء ردا لبلاء بالدعاء فالدعاء سبب لدفع البلاء وجلب الرحمة كما ان الترس سبب لدفع السلاح والماء سبب لخروج النباتات من الأرض قال الضحاك ما تعلم رجل القرآن ثم نسيه الا بذنب واى معصية أقبح من نسيان القرآن وتلا الآية وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ من الذنوب فلا يعاقب عليها ولولا عفوه وتجاوزه ما ترك على ظهرها من دابة وفى الآية تسلية لقلوب العباد واهل المصائب يعنى ان أصابتكم مصيبة الذنوب والمعاصي الموجبة للعقوبة الاخروية الابدية تداركناها باصابة المصيبة الدنيوية الفانية لتكون جزاء لما صدر منكم من سوء الأدب وتطهير لما تلوثتم به من المعاصي ثم إذا كثرت الأسباب من البلايا على عبد وتوالى عليه ذلك فليفكر فى أفعاله المذمومة لم حصلت منه حتى يبلغ جزاء ما يفعله مع عفو الكثير هذا المبلغ فعند هذا يزداد حزنه وأسفه وخجلته لعلمه بكثرة ذنوبه وعصيانه وغاية كرم ربه وعفوه وغفرانه قيل لابى سليمان الداراني قدس سره ما بال العقلاء أزالوا اللوم عمن أساء إليهم قال لانهم علموا ان الله تعالى انما ابتلاهم بذنوبهم وقرأ هذه الاية وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ فائتين ما قضى عليكم من المصائب
صفحة رقم 322
وان هربتم من أقطار الأرض كل مهرب يعنى إذا أراد الله ابتلاءكم وعقوبتكم فلا تفوتونه حيثما كنتم ولا تسبقونه ولا تقدرون ان تمنعوه من تعذيبكم وبالفارسية ونيستيد عاجز كنندكان خدايرا از إنفاذ امر يا از عذاب كردن مستحق قال اهل اللغة أعجزته اى صيرته عاجزا وأعجزته فيه سبقته قال فى تفسير المناسبات لما كان من يعاقب بمادون الموت ربما ظن انه عاجز قال وما أنتم اى أجمعون العرب وغيرهم بمعجزين فى الأرض لو أريد محقكم بالكلية ولا فى شىء اراده منكم كائنا ما كان وَما لَكُمْ اى عند الاجتماع فكيف عند الانفراد مِنْ دُونِ اللَّهِ المحيط بكل شىء عظمة وكبرا وعزة مِنْ وَلِيٍّ يكون متوليا لشىء من أموركم بالاستقلال يحميكم من المصائب وَلا نَصِيرٍ يدفعها عنكم وهذه الآية الكريمة داعية لكل أحد الى المبادرة عند وقوع المعصية الى محاسبة النفس ليعرف من اين أتى فيبادر الى التوبة عنه لينقذ نفسه من الهلكة وفائدة ذلك وان كان الكل بخلقه وإرادته اظهار الخضوع والتذلل
واستشعار الحاجة والافتقار الى الله الواحد القهار ولولا ورود الشريعة لم يوجد سبيل الى هذه الكمالات البديعة ومثل هذه التنبيهات تستخرج من العبد ما أودع فى طبيعته وركز فى غريزته كغرس وزرع سيق اليه ماء وشمس لاستخراج ما فى طبيعته من المعلومات الالهية والحكم العلية قال الامام الواحدي رحمه الله هذه الآية أرجى آية فى كتاب الله لان الله جعل ذنب المؤمن صنفين صنفا كفر عنهم بالمصائب وصنفاعفا عنه فى الدنيا وهو كريم ولا يرجع فى الآخرة فى عفوه فهذه سنة الله مع المؤمنين واما الكافر فلا يعجل له عقوبة ذنبه حتى يوافى به يوم القيامة قال بعضهم إذا كسب العبد شيأ من الجرائم فهو من اسباب القهر ويكون محجوبا به فاذا كان أهلا لله تعالى يعاقبه الله فى الدنيا ببعض المصائب ويخرجه من ذلك الحجاب والا فيمهله فى ضلالته والآية مخصوصة بالمجرمين فان ما أصاب غيرهم من الأنبياء وكمل الأولياء والأطفال والمجانين فلأسباب اخر لا بما كسبت أيديهم لانهم معصومون محفوظون منها التعريض للاجر العظيم بالصبر عليه قال بعضهم شوهد منه عليه السلام كرب عند الموت ليحصل لمن شاهده من اهله ومن غيرهم من المسلمين الثواب لما يلحقهم عليه من المشقة كما قيل بمثل ذلك فى حكمة ما يشاهد من حال الأطفال من الكرب الشديد وفى نوادر الأصول للحكيم الترمذي قدس سره البلاء على ثلاثة اضرب منها تعجيل عقوبة للعبد كمثل ما نزل بيوسف عليه السلام من لبثه فى السجن بالهم الذي هم به ومن لبثه بعد مضى المدة فى السجن بقوله إذ كرنى عند ربك فانسيه الشيطان ذكر ربه ولبث فى السجن بضع سنين ومنها امتحانه ليبرز ما فى ضميره فيظهر لحلقه درجته اين هو من ربه كمثل ما نزل بأيوب عليه السلام قال تعالى انا وجدناه صابرا نعم العبد انه أواب ومنها كرامته ليزداد عنده قربة وكرامة كمثل ما نزل بيحيى بن زكريا عليهما السلام ولم يعمل خطيئة قط ولم يهم بها فذبح ذبحا واهدى رأسه الى بغى من بغايا بنى إسرائيل وقد سأل النبي عليه السلام العافية من كل ذلك حيث قال واسأل الله العافية من كل بلية والعافية ان يكون فى كل وجه من هذه الوجوه إذا حل به شىء من ذلك ان لا يكله الى نفسه ولا يخذله اى يكلاءه ويرعاه فى كل من هذه الوجوه هذا