آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ ۖ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ
ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ

في قوله: (وَالْغَوْا فِيهِ) قال: تحدثوا وصيحوا كيما لا تسمعوه.
وقوله: (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) يقول: لعلكم بفعلكم ذلك تصدون من أراد استماعه عن استماعه، فلا يسمعه، وإذا لم يسمعه ولم يفهمه لم يتبعه، فتغلبون بذلك من فعلكم محمدا.
قال الله جل ثناؤه: (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله من مشركي قريش الذين قالوا هذا القول عذابا شديدا في الآخرة (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) يقول: ولنثيبنهم على فعلهم ذلك وغيره من أفعالهم بأقبح جزاء أعمالهم التي عملوها في الدنيا.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (٢٨) ﴾
يقول تعالى ذكره: هذا الجزاء الذي يجزى به هؤلاء الذين كفروا من مشركي قريش جزاء أعداء الله; ثم ابتدأ جلّ ثناؤه الخبر عن صفة ذلك الجزاء، وما هو فقال: هو النار، فالنار بيان عن الجزاء، وترجمة عنه، وهي مرفوعة بالردّ عليه; ثم قال: (لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ) يعني لهؤلاء المشركين بالله في النار دار الخلد يعني دار المكث واللبث، إلى غير نهاية ولا أمد; والدار التي أخبر جلّ ثناؤه أنها لهم في النار هي النار، وحسن ذلك لاختلاف اللفظين، كما يقال: لك من بلدتك دار صالحة، ومن الكوفة دار كريمة، والدار: هي الكوفة والبلدة، فيحسن ذلك لاختلاف الألفاظ، وقد ذكر لنا أنها في قراءة ابن مسعود:"ذَلكَ جَزَاءُ أعْدَاء اللهِ النَّارُ دَارُ الخُلْدِ" ففي ذلك تصحيح ما قلنا من التأويل في ذلك، وذلك أنه ترجم بالدار عن النار.
وقوله: (جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) يقول: فعلنا هذا الذي فعلنا بهؤلاء من مجازاتنا إياهم النار على فعلهم جزاء منا بجحودهم في الدنيا بآياتنا التي احتججنا بها عليهم.

صفحة رقم 461
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية