آيات من القرآن الكريم

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ

وَذَلِكَ أَنْ هُودًا عَلَيْهِ السَّلَامُ هَدَّدَهُمْ بِالْعَذَابِ، فَقَالُوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟ نَحْنُ نَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْعَذَابِ عَنَّا بِفَضْلِ قُوَّتِنَا، وَكَانُوا ذَوِي أَجْسَامٍ طِوَالٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾.
﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (١٦) وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٧) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (١٨) وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٩) ﴾.
﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾ عَاصِفَةً شَدِيدَةَ الصَّوْتِ، مِنَ الصِّرَّةِ وَهِيَ الصَّيْحَةُ. وَقِيلَ: هِيَ الْبَارِدَةُ مِنَ الصِّرِّ وَهُوَ الْبَرْدُ، ﴿فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ﴾ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ "نَحْسَاتٍ" بِسُكُونِ الْحَاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِهَا أي: نكدات مشؤومات ذَاتِ نُحُوسٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْمَطَرَ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَدَامَتِ الرِّيَاحُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ، ﴿لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ﴾ أَيْ: عَذَابَ الْهُونِ وَالذُّلِّ، ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى﴾ أَشَدُّ إِهَانَةً ﴿وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ﴾.
﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ دَعَوْنَاهُمْ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيَّنَّا لَهُمْ سَبِيلَ الهدى. وقيل: ١١٣/أدَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، كَقَوْلِهِ: "هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ" (الْإِنْسَانِ-٣)، ﴿فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ فَاخْتَارُوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ، ﴿فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ﴾ [أَيْ: هَلَكَةُ الْعَذَابِ] (١)، ﴿الْهُونِ﴾ أَيْ: ذِي الْهُونِ، أَيِ: الْهَوَانِ، وَهُوَ الَّذِي يُهِينُهُمْ وَيُخْزِيهِمْ، ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾. ﴿وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ﴾ قَرَأَ نَافِعٌ وَيَعْقُوبُ: "نَحْشُرُ" بِالنُّونِ، "أَعْدَاءَ" نَصْبٌ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ وَرَفْعِهَا وَفَتَحَ الشِّينَ "أَعْدَاءُ" رَفْعٌ أَيْ: يُجْمَعُ إِلَى النَّارِ، ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ يُسَاقُونَ وَيُدْفَعُونَ إِلَى النَّارِ، وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: يُحْبَسُ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ لِيَتَلَاحَقُوا.

(١) ساقط من "أ".

صفحة رقم 169
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية