
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا صَرْصَرًا﴾ قَالَ مُجَاهِد: شَدِيدَة السمُوم. وَقَالَ قَتَادَة: شَدِيدَة الْبرد من الصر وَهُوَ الْبرد وَيُمكن الْجمع بَين الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قيل: إِنَّهَا كَانَت ريحًا بَارِدَة تحرق كَمَا يحرق السمُوم، وَيُقَال: صَرْصَرًا أَي: ذَات صَيْحَة، وَمِنْه سمي نهر الصرصر، وَهُوَ نهر يَأْخُذ من الْفُرَات.
صفحة رقم 44
﴿فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّام نحسات لنذيقهم عَذَاب الخزي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ولعذاب الاخرة أخزى وهم لَا ينْصرُونَ (١٦) وَأما ثَمُود فهديناهم فاستحبوا الْعَمى على الْهدى فَأَخَذتهم صَاعِقَة الْعَذَاب الْهون بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٧) ونجينا الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (١٨) وَيَوْم يحْشر أَعدَاء الله إِلَى النَّار فهم يُوزعُونَ (١٩) حَتَّى إِذا﴾
وَقَوله: ﴿فِي أَيَّام نحسات﴾ وَقُرِئَ: " نحسات " بجزم الْحَاء أَي: مشئومات، وَكَانَت هَذِه الْأَيَّام مشائيم عَلَيْهِم؛ لأَنهم عذبُوا فِيهَا.
وَقَوله: ﴿لنذيقهم عَذَاب الخزي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ أَي: عذَابا يخزيهم وينكل بهم.
وَقَوله: ﴿ولعذاب الْآخِرَة أخزى﴾ أَي: أَشد إخزاء ﴿وهم لَا ينْصرُونَ﴾ أَي: لَا يمْنَعُونَ من عذابنا.