
شرح الكلمات:
الذين يحملون العرش: أي الملائكة حملة العرش.
ومن حوله: أي والملائكة الذين يحفون بالعرش من جميع جوانبه.
يسبحون بحمد ربهم: أي يقولون سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم هذه صلاتهم وتسبيحهم.
ويؤمنون به: كيف لا وهم عنده، ولكن هذا من باب الوصف بالكمال لهم.
ويستغفرون للذين آمنوا: أي يطلبون المغفرة للمؤمنين لرابطة الإيمان بالله التي تربطهم بهم.
ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً: أي يقولون يا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما.
فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك: أي فبما أن رحمتك وعلمك وسعا كل مخلوقاتك فاغفر للذين تابوا إليك فعبدوك ووحدوك واتبعوا سبيلك الذي هو الإسلام.
وقهم عذاب الجحيم: أي احفظهم من النار فلا تعذّبهم بها.
جنات عدن: أي بساتين فيها قصور وأنهار للإقامة الدائمة.
التي وعدتهم: أي بقوله تعالى: إن الله يدخل الذين آمنوا وعلموا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار.
ومن صلح من آبائهم: أي ومن صلح بالإيمان ولم يفسد بالشرك والكفر.
وقهم السيئات: أي احفظهم من جزاء السيئات التي عملوها فلا تؤاخذهم بها.
ومن تق السيئات يومئذ: أي ومن تقه جزاء سيئاته يوم القيامة فلم تؤاخذه.
فقد رحمته: أي حيث سترته ولم تفضحه وعفوت عنه ولم تؤاخذه.
وذلك: أي الوقاية من العذاب وإدخال الجنة هو الفوز العظيم.

معنى الآيات:
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ (١) يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ (٢) ﴾ يخبر تعالى عن عظمته وموجبات الإيمان به وبآياته وتوحيده ولقائه فيقول الذين يحملون العرش أي عرشه من الملائكة كالملائكة الذين يحفون بعرشه الجميع ﴿يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ تسبيحاً مقروناً بالحمد بأن يقولوا سبحان الله وبحمده ويؤمنون به أي يؤمنون بوحدانيته وعدم الإشراك في عبادته ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ (٣) لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ لرابطة الإيمان التي تربطهم بهم ولعل هذا السرّ في ذكر إيمانهم لأن المؤمنين إخوة واستغفارهم هو طلب المغفرة من الله للمؤمنين من عباده. وهو معنى قوله: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً﴾ أي يقولون متوسلين إليه بصفاته ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ (٤) كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً﴾ أي يا ربنا وسعت رحمتك وعلمك سائر المخلوقات فاغفر للذين تابوا أي إليك فتركوا الشرك واتبعوا سبيلك الذي هو الإسلام فانقادوا لأمرك ونهيك، وقهم عذاب الجحيم أي احفظهم يا ربنا من عذاب النار وأدخلهم جنات عدن أي إقامة من دخلها لا يخرج منها ولا يبغي عنها حولا لكمال نعيمها ووفرة السعادة فيها. ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذريّتهم أي وأدخل كذلك من صلح بالإيمان والتوحيد من آبائهم وأزواجهم وذريّاتهم فألحقهم بدرجاتهم ليكونوا معهم وإن قصرت بهم أعمالهم. وقولهم إنك أنت العزيز الحكيم توسل أيضاً إليه تعالى بصفتي العزة والغلبة والقهر لكل المخلوقات والحكمة المتجلية في سائر الكائنات. وقولهم: ﴿وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ (٥) ﴾ أي واحفظهم من جزاء سيئاتهم بأن تغفرها لهم وتسترها عليهم حتى يتأهلوا للحاق بأبنائهم الذين نسألك أن تلحقهم بهم، ﴿وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ﴾ أي يوم القيامة ﴿فَقَدْ رَحِمْتَهُ (٦) ﴾، ﴿وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ أي النجاة من النار ودخول الجنة هو الفوز العظيم لقوله تعالى ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾. ومعنى ومن تق السيئات أي تقيه عذابها وذلك بأن يغفرها لهم ويعفو عنهم
٢- قال مجاهد بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب، حجاب نور وحجاب ظلمة وحجاب نور وحجاب ظلمة.
٣- قبل هذا معطوف على محذوف تقديره وينزهونه عما يقول الكافرون ويستغفرون الخ.
٤- رحمة منصوب على التمييز وعلماً معطوف عليه، والتمييز محول عن فاعل إذ التقدير وسعت رحمتك وعلمك كل شيء.
٥- قد لا يحتاج الأمر إلى تقدير محذوف فيقال وقهم جزاء السيئات إذ السيئات جمع سيئة "فيعلة" من السوء وهو ما يضر ولا يسر فالسيئة كل ما يسوء من عذاب وخوف، وهلع فدعاء الملائكة دعاء بالنجاة مما يسوء المؤمنين يوم القيامة ولذا قالوا ومن تق السيئات أي ما يسوءه من العذاب فقد رحمته بدخول الجنة وما في التفسير هو رأي الجمهور من المفسرين.
٦- قال مطرف بن عبد الله: وجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة، ووجدنا أغش عباد الله لعباد الله الشياطين وتلا هذه الآية الذين يحملون العرش إلى قوله فقد رحمته.

فلا يؤاخذهم بها، فينجوا من النار ويدخلوا الجنة وذلك أي النجاة من النار ودخول الجنة هو الفوز العظيم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان عظم الرب تعالى.
٢- بيان فضل الإيمان وأهله (١).
٣- فضل التسبيح بقول: سبحان الله وبحمده فقد صح أن من قالها مائة مرة (٢) حين يصبح أو حين يمسي غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر أي في الكثرة.
٤- بشرى المؤمنين بأن الله تعالى يجمعهم بآبائهم وأزواجهم وذرياتهم في الجنة، وقد استجاب الله للملائكة وقد أخبر تعالى عن ذلك بقوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّاتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهُمْ﴾.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْأِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠) قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١) ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (١٣)
٢- يكفي كرامة للمؤمن أنه نائم على فراشه والملائكة تستغفر الله له، وتدعو له بالنجاة من النار وبدخول الجنة كما في قوله ﴿الذين يحملون العرش﴾ الآية.