آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ

ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ أي: يوقدون، فصاروا وقوداً. وروي عن ابن عباس أنه قرأ:
وَالسَّلاسِلُ بنصب اللام، يُسْحَبُونَ بنصب الياء، يعني: أنهم يسحبون السلاسل. وقال:
هو أشد عليهم. وقراءة العامة وَالسَّلاسِلُ بضم اللام يُسْحَبُونَ بالضم على معنى فعل ما لم يسم فاعله. والمعنى: أن الملائكة يسحبونهم في السلاسل.
ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أي: تقول لهم الخزنة: أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ أي: تعبدون، مِنْ دُونِ اللَّهِ من الأوثان، قالُوا ضَلُّوا عَنَّا يعني: اشتغلوا بأنفسهم عنا، بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً وذلك أنهم يندمون على إقرارهم، وينكرون، ويقولون: بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً في الدنيا. ويقال: معناه بل لم نكن نعبد شيئاً ينفعنا.
يقول الله تعالى: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ عن الحجة، ذلِكُمْ أي: ذلكم العذاب، بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ أي: تبطرون، وتتكبرون فِى الأرض بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ أي: تعصون، وتستهزءون بالمسلمين، ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ أي: فبئس مقام المتكبرين عن الإيمان.
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٧٧ الى ٨٥]
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٧٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (٧٨) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٧٩) وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٨٠) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (٨١)
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ مَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨٣) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (٨٥)

صفحة رقم 214

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ يعني: اصبر يا محمد على أذى الكفار، إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ أي: كائن، فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من العذاب يعني: فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذى نعدهم من العذاب في الدنيا، وهو القتل، والهزيمة. أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ من قبل أن نرينك عذابهم في الدنيا، فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ يعني: يرجعون إلينا في الآخرة، فنجزيهم بأعمالهم.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ يعني: إلى قومهم، مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ يعني:
سميناهم لك، فأنت تعرفهم، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ يعني: لم نسمهم لك ولم نخبرك بهم يعني: أنهم صبروا على أذاهم، فاصبر أنت يا محمد على أذى قومك كما صبروا.
وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ أي: ما كان لرسول، من القدرة أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ أي بدلائل، وبراهين، إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ يعني: بأمره. فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ يعني: العذاب، قُضِيَ بِالْحَقِّ أي: عذبوا، ولم يظلموا حين عذبوا، وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ. أي: خسر عند ذلك المبطلون. يعني: المشركون. ويقال: يعني: الظالمون. ويقال: الخاسرون.
ثم ذكر صنعه ليعتبروا فقال: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ يعني: خلق لكم البقر، والغنم، والإبل، لِتَرْكَبُوا مِنْها أي بعضها وهو الإبل، وَمِنْها تَأْكُلُونَ يعني: من الأنعام منافع في ظهورها، وشعورها، وشرب ألبانها، وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ أي ما في قلوبكم، من بلد إلى بلد وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ يعني: على الأنعام، وعلى السفن، يُرِيكُمْ آياتِهِ
يعني: دلائله، وعجائبه، أَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ
بأنها ليست من الله، أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ يعني: يسافروا فِي الأَرْضِ، فَيَنْظُرُوا أي: فيعتبروا، كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني: آخر أمر من كان قبلهم، كيف فعلنا بهم حين كذبوا رسلهم، كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ يعني: أكثر من قومك في العدد، وَأَشَدَّ قُوَّةً من قومك، وَآثاراً فِي الْأَرْضِ، يعني: مصانعهم أعظم آثاراً في الأرض، وأطول أعماراً، وأكثر ملكاً في الأرض، فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَكْسِبُونَ يعني: لم ينفعهم ما عملوا في الدنيا، حين نزل بهم العذاب.
فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ بالأمر، والنهي، وبخبر العذاب، فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ يعني: من قلة علمهم، رضوا بما عندهم من العلم، ولم ينظروا إلى دلائل الرسل.
ويقال: رضوا بما عندهم. فقالوا: لن نعذب، ولن نبعث. ويقال: فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ أي: علم التجارة، كقوله يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا [الروم: ٧].
وَحاقَ بِهِمْ أي نزل بهم مَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ أي: يسخرون به، ويقولون: إنه غير نازل بهم. فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا أي: عذابنا في الدنيا، قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا أي:
تبرأنا، بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ يعني: بما كنا به مشركين من الأوثان، فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ

صفحة رقم 215

إِيمانُهُمْ
يعني: تصديقهم، لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا أي: حين رأوا عذابنا. قال القتبي: البأس الشدة. والبأس العذاب كقوله: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا وكقوله: فَلَمَّا أَحَسُّوا بأسنا، سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ قال مقاتل: يعني: كذلك كانت سنة الله فِي عِبادِهِ. يعني: العذاب في الأمم الخالية إذا عاينوا العذاب، لم ينفعهم الإيمان. وقال القتبي: هكذا سنة الله أنه من كفر عذبه، وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ أي: خسر عند ذلك الكافرون بتوحيد الله عز وجل، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

صفحة رقم 216
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية