آيات من القرآن الكريم

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ

المفعول، والمراد به الاستدلال على البعث، لأن الإله الذي خلق السموات الأرض على كبرها، قادر على إعادة الأجسام بعد فنائها، وقيل: المراد توبيخ الكفار المتكبرين، كأنه قال: خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، فما بال هؤلاء يتكبرون على خالقهم، وهم من أصغر مخلوقاته وأحقرهم، والأول أرجح لوروده في مواضع من القرآن لأنه قال بعده: إن الساعة لآتية لا ريب فيها فقدم الدليل، ثم ذكر المدلول.
وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ الدعاء هنا هو الطلب والرغبة، وهذا وعد مقيّد بالمشيئة، وهي موافقة القدر لمن أراد أن يستجيب له، وقيل: ادعوني هنا: اعبدوني بدليل قوله بعده: إن الذين يستكبرون عن عبادتي وقوله صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة «١» ثم تلا الآية أَسْتَجِبْ لَكُمْ على هذا القول بمعنى أغفر لكم أو أعطيكم أجوركم. والأول أظهر، ويكون قوله: يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي بمعنى يستكبرون عن الرغبة إليّ كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «من لم يسأل الله يغضب عليه «٢» وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
الدعاء هو العبادة فمعناه أن الدعاء والرغبة إلى الله هي العبادة، لأن الدعاء يظهر فيه افتقار العبد وتضرعه إلى الله داخِرِينَ أي صاغرين لِتَسْكُنُوا فِيهِ ذكر في [يونس: ٦٧] وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ يعني المستلذات، لأنه إذا جاء ذكر الطيبات في معرض الإنعام فيراد به المستلذات، وإذا جاء في معرض التحليل والتحريم فيراد به الحلال والحرام الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ هذا متصل بما قبله، قال ذلك ابن عطية والزمخشري وتقديره:
ادعوه مخلصين قائلين الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ولذلك قال ابن عباس: من قال لا إله إلا الله فليقل الحمد لله رب العالمين، ويحتمل أن يكون الحمد لله استئنافا
ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا

(١). حديث رواه أحمد عن النعمان بن بشير ج ٤ ص ٢٧١.
(٢). لم أعثر عليه ومعناه صحيح والله أعلم.

صفحة رقم 234

أراد الجنس ولذلك أفرد لفظه مع أن الخطاب لجماعة ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ذكر الأشد في سورة يوسف عليه السلام: [يوسف: ٢٢] واللام تتعلق بفعل محذوف تقديره:
ثم يبقيكم لتبلغوا وكذلك ليكونوا أو أما لتبلغوا أجلا مسمى فمتعلق بمحذوف آخر تقديره:
فعل ذلك بكم لتبلغوا أجلا مسمى وهو الموت أو يوم القيامة.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ يعني كفار قريش، وقيل: هم أهل الأهواء كالقدرية وغيرهم، وهذا مردود بقوله: الذين كذبوا بالكتاب إلا إن جعلته منقطعا مما قبله وذلك بعيد إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ العامل في إذ يعملون وجعل الظرف الماضي من الموضع المستقبل لتحقيق الأمر يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ أي يجرون والحميم الماء الشديد الحرارة ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ هذا من قولك: سجرت التنور إذا ملأته بالنار، فالمعنى أنهم يدخلون فيها كما يدخل الحطب في التنور، ولذلك قال مجاهد في تفسيره: توقد بهم النار (تمرحون) من المرح وهو الأشر والبطر. وقيل: الفخر والخيلاء فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ إن قيل: قياس النظم أن يقول بئس مدخل الكافرين لأنه تقدم قبله ادخلوا. فالجواب أن الدخول المؤقت بالخلود في معنى الثوى فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أصل إما إن نريك ودخلت ما الزائدة بعد إن الشرطية، وجواب الشرط محذوف تقديره: إن أريناك بعض الذي نعدهم من العذاب قرّت عينك بذلك، وإن توفيناك قبل ذلك فإلينا يرجعون، فننتقم منهم أشد الانتقام.
مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ روي عن النبي ﷺ أن الله تعالى بعث ثمانية آلاف رسول وفي حديث آخر أربعة آلاف، وفي حديث أبي ذر إن الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا منهم الرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر «١» فذكر الله بعضهم في القرآن، فهم الذين قص عليه ولم يذكر سائرهم فهم الذين لم يقصص عليه فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ قال الزمخشري:

(١). حديث أبو ذر رواه أحمد بطوله ج ٥ ص ٢٦٥.

صفحة رقم 235
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية